030-القول في سبب العدالة هل يجب الاخبار به أم لا

اختلف الناس في تزكية المزكى لمن زكاه فقال قوم لا تقبل حتى يذكر المزكى السبب الذي لأجله ثبتت عدالة المزكى عنده ومن الحجة لهم في ذلك ما أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال انا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال سمعت أنسا نا يقول لأحمد بن يونس عبد الله العمرى ضعيف قال انما يضعفه رافضي مبغض لآبائه ولو رأيت لحيته وخضابه وهيأته لعرفت انه ثقة فاحتج أحمد بن يونس على ان عبد الله العمرى ثقة بما ليس حجة لأن حسن الهيأة مما يشترك فيه العدل والمجروح وقال قوم لا يجب ذكر سبب العدالة بل يقبل على الجملة تعديل المخبر والشاهد وهذا القول أولى بالصواب عندنا والدليل عليه إجماع الأمة على انه لا يرجع في التعديل الا الى قول عدل رضا عارف بما يصير به العدل عدلا والمجروح مجروحا وإذا كان كذلك وجب حمل امره في التزكية على السلامة وما تقتضيه حاله التي اوجبت الرجوع الى تزكيته من اعتقاد الرضا به وأدائه الأمانة فيما يرجع اليه فيه والعمل بخبر من زكاه ومتى اوجبنا مطالبته بكشف السبب الذي به صار عدلا عنده كان ذلك شكا منا في علمه بأفعال المزكى وطرائقه وسوء ظن بالمزكى واتهاما له بأنه يجهل المعنى الذي به يصير العدل عدلا ومتى كانت هذه حاله عندنا لم يجب ان نرجع الى تزكيته ولا أن نعمل على تعديله فوجب حمل الأمر على الجملة فان قيل ما أنكرتم من وجوب استخبار المزكى عن سبب تعديله لا لاتهامنا له بالجهل بطرائق المزكى وافعاله لكن لاختلاف العلماء في ذلك فيما به يصير العدل عدلا فيجوز أن يعدله بما ليس بتعديل عند غيره يقال هذا باطل وحمل امره على السلامة واجب وأنه ما عدله الا بما به يصير عدلا عند بعض الأمة ومثل ذلك إذا وقع لا يتعقب ولا يرد ولو كان ما قلتموه من هذا واجبا لوجب إذا شهد شاهدان بان زيدا باع عمرا سلعة بيعا صحيحا واجبا نافذا يقع التملك به وانه قد زوجه وليته تزويجا صحيحا ان يسألا عن حال البيع والنكاح وعن كل عقد يشهدان به لما بين الفقهاء من الخلاف في كثير من هذه العقود وصحتها وتمامها ولما اتفق أهل العلم على ان ذلك لا يجب كشفه للحكام وجب مثله في مسألتنا هذه أيضا فان أسباب العدالة كثيرة يشق ذكر جميعها ولو وجب على المزكى الاخبار بها لكان يحتاج الى ان يقول المزكى هو عدل ليس يفعل كذا ولا كذا ويعد ما يجب عليه تركه ثم يقول ويفعل كذا وكذا فيعد ما يجب عليه فعله ولما كان ذلك يطول ويشق تفصيله وجب ان يقبل التعديل مجملا من غير ذكر سببه فان قيل فيجب عليكم ترك الكشف عما به يصير المجروح مجروحا وأن تقبلوا الجرح في الجملة يقال لا يجب ذلك لأن الجرح يحصل بأمر واحد فلا يشق ذكره والعدالة لا تحصل الا بأمور كثيرة حسب ما بيناه والاخبار بها يجرح فلذلك كان الإجمال فيها كافيا على انا نقول أيضا ان كان الذي يرجع اليه في الجرح عدلا مرضيا في اعتقاده وأفعاله عارفا بصفة العدالة والجرح واسبابها عالما باختلاف الفقهاء في أحكام ذلك قبل قوله فيمن جرحه مجملا ولم يسأل عن سببه وسنشرح الأمور التي توجب الجرح واختلاف الناس فيها ونبينها فيما بعد إن شاء الله تعالى آخر الجزء الثالث بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الرابع رب سهل وسلم حدثنا الامام الحافظ أبو بكر أحمد بن على بن ثابت الخطيب قال