039-ما جاء في الأخذ عن أهل البدع والأهواء والإحتجاج بروايتهم

اختلف أهل العلم في سماع من أهل البدع والأهواء كالقدرية والخوارج والرافضة وفى احتجاج بما يروونه فمنعت طائفة من السلف صحة ذلك لعلة انهم كفار عند من ذهب الى اكفار المتأولين وفساق عند من لم يحكم بكفر متأول وممن لا يروى عنه ذلك مالك بن أنس وقال من ذهب الى هذا المذهب ان الكافر والفاسق بالتأويل بمثابة الكافر المعاند والفاسق العامد فيجب أن لا يقبل خبرهما ولا تثبت روايتهما وذهبت طائفة من أهل العلم الى قبول أخبار أهل الأهواء الذين لا يعرفون منهم استحلال الكذب والشهادة لمن وافقهم بما ليس عندهم فيه شهادة وممن قال بهذا القول من الفقهاء أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي فإنه قال وتقبل شهادة أهل الأهواء الا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم وحكى ان هذا مذهب بن أبى ليلى وسفيان الثوري وروى مثله عن أبى يوسف القاضى وقال كثير من العلماء يقبل أخبار غير الدعاة من أهل الأهواء فأما الدعاة فلا يحتج بأخبارهم وممن ذهب الى ذلك أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وقال جماعة من أهل النقل والمتكلمين أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة وان كانوا كفارا وفساقا بالتأويل ممن ذهب الى منع قبول اخبارهم احتج مع ما قدمنا ذكره بما أخبرنا أبو سعد الماليني قال انا عبد الله بن عدى الحافظ قال ثنا على بن الحسين بن عبد الرحيم قال ثنا أحمد بن نصر المقرى العابد قال انا المبارك مولى إبراهيم بن هشام المرابطى ح وأخبرني عبيد الله بن أبى الفتح قال ثنا على بن عمر الحربي قال ثنا حاتم بن الحسن الشاشي قال حدثني حبيب بن المغيرة الشاشي قال ثنا المبارك قال ثنا العطاف بن خالد عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يا بن عمر دينك دينك انما هو لحمك ودمك فانظر عمن تأخذ خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا أخبرنا يوسف بن رباح البصري قال ثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس بمصر قال ثنا محمد بن محمد بن الأشعث الكوفى قال ثنا خالد بن عبد السلام قال ثنا الفضل بن المختار عن أبى سكينة مجاشع بن قطبة قال سمعت على بن أبى طالب رضى الله عنه وهو في مسجد الكوفة يقول انظروا عمن تأخذون هذا العلم فإنما هو الدين أخبرنا القاضى أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي قال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا أبو أمية الطرسوسى قال ثنا يونس بن محمد قال ثنا مغيث قال ثنا الضحاك بن مزاحم قال ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه وأخبرنا القاضى أبو بكر أيضا قال ثنا محمد بن يعقوب الأصم قال ثنا الحسن بن على بن عفان العامري قال ثنا أبو أسامة عن بن عون قال قال محمد بن سيرين انما هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذونه أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن الواثق بالله قال حدثني جدي قال ثنا أبو عمران موسى بن هارون وأبو بكر الفريابي قال انا هدبة بن خالد قال ثنا مهدى بن ميمون قال سمعت محمد بن سيرين يقول ان هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه وقال الفريابي في حديثه فانظروا عمن تأخذون دينكم أخبرنا على بن محمد بن عبد الله المعدل انا محمد بن عمر الرزاز انا محمد بن عبد الملك الدقيقي قال ثنا محمد بن إسماعيل السكري الكوفى قال ثنا حماد بن زيد قال دخلنا على أنس بن سيرين في مرضه فقال اتقوا الله يا معشر الشباب وانظروا عمن تأخذون هذه الأحاديث فانها من دينكم أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن جعفر الخرقي قال انا أحمد بن جعفر بن سلم قال ثنا أحمد بن على الابار قال ثنا على بن ميمون الرقى العطار قال ثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن بن سيرين قال ان هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم أخبرنا أبو طالب محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير قال نا الحاكم أبو حامد أحمد بن الحسين بن على الهمذاني قال نا أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام قال نا أحمد بن سيار قال انا النصر بن عبد الله المديني من مدينة الداخلة أبو عبد الله الأصم قال ثنا إسماعيل بن زكريا عن عاصم عن بن سيرين قال كان في زمن الأول الناس لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ليحدث حديث أهل السنة ويترك حديث أهل البدعة أخبرنا محمد بن جعفر بن علان الوراق قال انا أبو نصر منصور بن محمد بن منصور الأصبهانى ح وأخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال قرئ على منصور بن محمد الأصبهانى وأنا اسمع قال انا إسحاق بن أحمد بن زيرك قال ثنا محمد بن حميد قال ثنا جرير عن عاصم قال سمعت بن سيرين يقول كانوا لا يسألون عن الإسناد حتى كان بأخرة فكانوا يسألون عن الإسناد لينظروا من كان صاحب سنة كتبوا عنه ومن لم يكن صاحب سنة لم يكتبوا عنه أخبرنا الحسن بن أبى طالب قال ثنا يوسف بن عمر القواس الزاهد قال ثنا محمد بن الحسن بن الفرج الأنماطي قال قال على بن حرب من قدر أن يكتب الحديث الا عن صاحب سنة فانهم يكذبون كل صاحب هوى يكذب ولا يبالي أخبرنا أبو الفضل عمر بن أبى سعيد الهروي قال نا عبد العزيز بن جعفر الحريري ببغداد قال أحمد بن إسحاق بن بهلول قال ثنا أبى قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرى قال سمعت بن لهيعة يذكر أنه سمع رجلا من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه فانا كنا إذا رأينا رأيا جعلناه حديثا أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان قال انا دعلج بن أحمد قال انا أحمد بن على الابار قال ثنا أبو نعيم الحلبي قال ثنا أبو عبد الرحمن المقرى عن بن لهيعة قال سمعت شيخا من الخوارج وهو يقول ان هذه لأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فانا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا وأخبرنا بن الفضل قال انا دعلج انا أحمد بن على قال حدثني أبو أمية قال سمعت أبا بكر بن عياش يقول ما تركت الرواية عن فطر الا لمذهبه أخبرنا بن الفضل قال انا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال ثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني أحمد بن الخليل قال ثنا إسحاق قال أخبرني شبابة بن سوار قال قلت ليونس بن أبى إسحاق ثوير لأى شيء تركته قال لأنه رافضي قلت ان أباك روى عنه قال هو أعلم أخبرنا بن الفضل قال انا دعلج قال انا أحمد بن على الابار قال ثنا إبراهيم بن سعيد قال سمعت شبابة يقول قيل ليونس بن أبى إسحاق لم لم تحمل عن ثوير بن أبى فاختة قال كان رافضيا قال وأخبرنا بن الفضل قال انا دعلج قال انا أحمد بن على الابار قال ثنا عوام قال قال لي الحميدي كان بشر بن السرى جهميا لا يحل ان يكتب عنه أخبرنا أبو بكر البرقاني قال قرأت على أحمد بن جعفر بن سلم حدثكم أبو العباس الابار قال ثنا سويد بن سعيد قال قيل لسفيان بن عيينة لم اقللت الرواية عن سعيد بن أبى عروبة قال وكيف لا أقل الرواية عنه وسمعته يقول هو رأيي ورأى الحسن ورأى قتادة يعنى القدر أخبرنا محمد بن عمر الخرقي قال انا أبو بكر بن سلم قال ثنا أحمد بن على الابار قال ثنا محمد بن الحسين العامري قال ثنا خالد بن خداش قال لما ودعت مالك بن أنس قال لي اتق الله وانظر ممن تأخذ هذا الشان وأخبرنا محمد بن عمر قال ثنا أبو بكر بن سلم ح وأخبرني بن الفضل قال انا دعلج انا وقال بن سلم ثنا أحمد بن على الابار ح وأخبرنا أحمد بن أبى جعفر قال ثنا محمد بن عثمان النفرى قال ثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قالا ثنا يونس بن عبد الأعلى قال ثنا بن وهب قال سمعت مالك بن أنس يقول لا يصلى خلف القدرية ولا يحمل عنهم الحديث أخبرني القاضى أبو عبد الله الحسين بن على الصيمرى قال ثنا محمد بن عمران المرزباني قال حدثني محمد بن يحيى قال ثنا الحسين بن يحيى قال سمعت الفضل بن مروان يقول كان المعتصم يختلف الى على بن عاصم المحدث وكنت امضى معه اليه فقال يوما حدثنا عمرو بن عبيد وكان قدريا فقال له المعتصم يا أبا الحسن أما تروى أن القدرية مجوس هذه الأمة قال بلى قال فلم تروى عنه قال لأنه ثقة في الحديث صدوق قال فان كان المجوسي ثقة فما تقول أتروى عنه فقال له على أنت شغاب يا أبا إسحاق قلت وهذا الاعتراض المذكور في الخبر لازم ولا خلاف ان الفاسق بفعله لا يقبل قوله في أمور الدين مع كونه مؤمنا عندنا فبأن لا يقبل قول من يحكم بكفره من المعتزلة وغيرهم أولى وقد احتج من ذهب الى قبول اخبارهم بأن مواقع الفسق معتمدا والكافر الأصلى معاندان وأهل الأهواء متأولون غير معاندين وبأن الفاسق المعتمد اوقع الفسق مجانة وأهل الأهواء اعتقدوا ما اعتقدوا ديانة ويلزمهم على هذا الفرق ان يقبلوا خبر الكافر الأصلى فإنه يعتقد الكفر ديانة فان قالوا قد منع السمع من قبول خبر الكافر الأصلى فلم يجز ذلك لمنع السمع منه قيل فالسمع إذا قد أبطل فرقكم بين المتأول والمعتمد وصحح الحاق أحدهما بالآخر فصار الحكم فيهما سواء والذي يعتمد عليه في تجويز الاحتجاج بأخبارهم اشتهر من قبول الصحابة أخبار الخوارج وشهاداتهم ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأويل ثم استمرار عمل التابعين والخالفين بعدهم على ذلك لما رأوا من تحريهم الصدق وتعظيمهم الكذب وحفظهم أنفسهم عن المحظوارت من الأفعال وإنكارهم على أهل الريب والطرائق المذمومة ورواياتهم الأحاديث التي تخالف آراءهم ويتعلق بها مخالفوهم في الأحتجاج فاحتجوا برواية عمران بن حطان وهو من الخوارج وعمرو بن دينار وكان ممن يذهب الى القدر والتشيع وكان عكرمة إباضيا وابن أبى نجيح وكان معتزليا وعبد الوارث بن سعيد وشبل بن عباد وسيف بن سليمان وهشام الدستوائى وسعيد بن أبى عروبة وسلام بن مسكين وكانوا قدرية وعلقمة بن مرثد وعمرو بن مرة ومسعر بن كدام وكانوا مرجئة وعبيد الله بن موسى وخالد بن مخلد وعبد الرزاق بن همام وكانوا يذهبون الى التشيع في خلق كثير يتسع ذكرهم دون أهل العلم قديما وحديثا رواياتهم واحتجوا بأخبارهم فصار ذلك كالإجماع منهم وهو أكبر الحجج في هذا الباب وبه يقوى الظن في مقاربة الصواب