هل تأثم الأم التي تشوّه سمعة ابنتها أمام الآخرين، وتتهمها بالسحر، والفجور، واعتادت على شتمها، وسبها، والذهاب للساحر، وطلبت منه أن يسحر ابنتها؟
الفتوى:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل سلامة هذه البنت من كل ما تتهمها به أمها، حتى يتبين أن الأمر على خلاف ذلك، فلا يجوز لأمّها أن تسيء بها الظن من غير بينة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث.
وكونها تذكر هذا عند الناس تشين به سمعتها، فهذا نوع من البهتان، وقد قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}، وروى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما الغيبة؟». قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: « ذكرك أخاك بما يكره». قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه، فقد بهته».
وكونها تسبها وتشتمها، وتحاول عمل السحر لها، فيه مزيد ظلم، هذا بالإضافة إلى أن مجرد الذهاب إلى السحرة وسؤالهم، أمر منكر، كما في الحديث الذي رواه مسلم عن صفية -رضي الله عنها- عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم -ورضي عنهن- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة».
فالواجب أن تنصح هذه الأم، وينتدب لها من يرجى أن تستجيب لقولهم من أهل الفضل والحكمة، ويبين لها سوء صنيعها.
وما نود أن نلفت إليه النظر أن الغالب في الأم الشفقة على ابنتها، فوصولها إلى هذه الدرجة في سوء التعامل مع ابنتها، أمر غريب؛ ولذلك ينبغي للبنت أن تنظر في أمرها، وما إن صدر عنها تصرف سيئ تجاه أمها، استفزتها به، أو فعلت أمرًا بحسن نية، وأساءت أمّها فهمه، فتوضح لها الحقيقة، وتعتذر -إن اقتضى الأمر الاعتذار-.
ونحذر البنت من أن تكون إساءة أمها لها سببًا لتقصيرها في حق أمها، أو الوقوع في شيء من عقوقها، فمن حق الأم: أن تبرها ابنتها، وإن أساءت، ونرجو مطالعة الفتوى: 299887.
والله أعلم.