33 سبباً للخشوع في الصلاة
محمد بن صالح المنجد
دار الوطن
أولاً: الحرص على ما يجلب الخشوع ويقويه:
1- الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها:
ويحصل ذلك بأمور منها الترديد مع المؤذن والإتيان بالدعاء المشروع بعده
، والدعاء بين الأذان والإقامة، وإحسان الوضوء والتسمية قبله والذكر
والدعاء بعده. والاعتناء بالسواك وأخذ الزينة باللباس الحسن النظيف، و
التبكير والمشي إلى المسجد بسكينة ووقار وانتظار الصلاة، وكذلك تسوية
الصفوف والتراص فيها .
2- الطمأنينة في الصلاة: كان النبي
يطمئن حتى
يرجع كل عظم إلى موضعه.
3- تذكر الموت في الصلاة: لقوله
:
{ اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا
ذكر الموت في صلاته لحريّ أن يحسن صلاته، وصلّ صلاة رجل لا يظن أنه
يصلي غيرها }.
4- تدبر الآيات المقروءة وبقية أذكار
الصلاة والتفاعل معها: ولا يحصل التدبر إلا بالعلم بمعنى ما يقرأ
فيستطيع التفكّر فينتج الدمع والتأثر قال الله تعالى:
وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا
عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً
[الفرقان:73].
* و مما يعين على التدبر التفاعل مع
الآيات بالتسبيح عند المرور بآيات التسبيح و التعوذ عند المرور بآيات
التعوذ..وهكذا.
* ومن التجاوب مع الآيات التأمين بعد
الفاتحة وفيه أجر عظيم، قال رسول الله
:
{ إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنُوا فإنه مَن
وافق تأمِينُهُ تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه }
[رواه البخاري]، وكذلك التجاوب مع الإمام في قوله سمع الله لمن حمده،
فيقول المأموم: ربنا ولك الحمد وفيه أجر عظيم أيضا.
5- أن يقطّع قراءته آيةً آية: وذلك
أدعى للفهم والتدبر وهي سنة النبي
، فكانت قراءته
مفسرة حرفا حرفا.
6- ترتيل القراءة وتحسين الصوت بها:
لقوله تعالى:
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً
[المزمل:4]، ولقوله
:
{ زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن
يزيد القرآن حسنا } [أخرجه الحاكم].
7- أن يعلم أن الله يُجيبه في صلاته:
قال :
{ قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين
عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال الله:
حمدني عبدي فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليّ عبدي، فإذا
قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجّدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد
وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: إهدنا
الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا
الضالين، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل }.
8- الصلاة إلى سترة والدنو منها: من
الأمور المفيدة لتحصيل الخشوع في الصلاة الاهتمام بالسترة والصلاة
إليها، وللدنو من السترة فوائد منها:
* كف البصر عما وراءه، و منع من
يجتاز بقربه... و منع الشيطان من المرور أو التعرض لإفساد الصلاة قال
عليه الصلاة والسلام: { إذا صلى أحدكم
إلى سترة فليدن منها حتى لا يقطع الشيطان عليه صلاته }
[رواه أبو داود].
9- وضع اليمنى على اليسرى على
الصّدر: كان النبي
إذا قام في
الصلاة وضع يده اليمنى على اليسرى و كان يضعهما على الصدر ، و الحكمة
في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى
الخشوع.
10- النظر إلى موضع السجود: لما ورد
عن عائشة أن رسول الله
إذا صلى طأطأ
رأسه و رمى ببصره نحو الأرض، أما إذا جلس للتشهد فإنه ينظر إلى أصبعه
المشيرة وهو يحركها كما صح عنه
.
11- تحريك السبابة: قال النبي
:
{ لهي أشد على الشيطان من الحديد }،
و الإشارة بالسبابة تذكّر العبد بوحدانية الله تعالى والإخلاص في
العبادة وهذا أعظم شيء يكرهه الشيطان نعوذ بالله منه.
12- التنويع في السور والآيات
والأذكار والأدعية في الصلاة: وهذا يُشعر المصلي بتجدد المعاني، ويفيده
ورود المضامين المتعددة للآيات والأذكار فالتنويع من السنّة وأكمل في
الخشوع.
13- أن يأتي بسجود التلاوة إذا مرّ
بموضعه: قال تعالى:
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً
[الإسراء:109]، وقال تعالى:
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً
وَبُكِيّاً
[مريم:58]،
قال رسول الله :
{ إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل
الشيطان يبكي، يقول: يا ويلي، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة،
وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار } [رواه مسلم].
14- الاستعاذة بالله من الشيطان:
الشيطان عدو لنا ومن عداوته قيامه بالوسوسة للمصلي كي يذهب خشوعه
ويلبِّس عليه صلاته. و الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد
السير إلى الله تعالى، أراد قطع الطريق عليه، فينبغي للعبد أن يثبت و
يصبر، ويلازم ماهو فيه من الذكر و الصلاة و لا يضجر فإنه بملازمة ذلك
ينصرف عنه كيد الشيطان:
إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً
[النساء:76].
15- التأمل في حال السلف في صلاتهم:
كان علي بن أبي طالب
إذا حضرت
الصلاة يتزلزل و يتلون وجهه، فقيل له: ما لك؟ فيقول: جاء والله وقت
أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن
منها و حملتُها. و كان سعيد التنوخي إذا صلى لم تنقطع الدموع من خديه
على لحيته.
16- معرفة مزايا الخشوع في الصلاة:
ومنها قوله :
{ ما من امريء مسلم تحضره صلاة مكتوبة
فيحسن وضوءها و خشوعها و ركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب
ما لم تؤت كبيرة، و ذلك الدهر كله } [رواه مسلم].
17- الاجتهاد بالدعاء في مواضعه في
الصلاة وخصوصا في السجود: قال تعالى:
ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً
[الأعراف:55]، وقال نبينا الكريم: { أقرب
ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء } [رواه
مسلم].
18- الأذكار الواردة بعد الصلاة:
فإنه مما يعين على تثبيت أثر الخشوع في القلب وما حصل من بركة الصلاة.
ثانياً: دفع الموانع والشواغل التي تصرف عن الخشوع
وتكدِّر صفوه:
19- إزالة ما يشغل المصلي من المكان:
عن أنس قال:
كان قِرام ( ستر فيه نقش وقيل ثوب ملوّن ) لعائشة سترت به جانب بيتها،
فقال لها النبي
:
{ أميطي - أزيلي - عني فإنه لا تزال
تصاويره تعرض لي في صلاتي } [رواه البخاري].
20- أن لا يصلي في ثوب فيه نقوش أو
كتابات أو ألوان أو تصاوير تشغل المصلي: فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
قام النبي الله
يصلي في خميصة ذات أعلام - وهو كساء مخطط ومربّع - فنظر إلى علمها فلما
قضى صلاته قال: { اذهبوا بهذه الخميصة
إلى أبي جهم بن حذيفة و أتوني بأنبجانيّه - وهي كساء ليس فيه تخطيط ولا
تطريز ولا أعلام -، فإنها ألهتني آنفا في صلاتي } [رواه
مسلم].
21- أن لا يصلي وبحضرته طعام يشتهيه:
قال :
{ لا صلاة بحضرة طعام }
[رواه مسلم].
22- أن لا يصلي وهو حاقن أو حاقب:
لاشكّ أن مما ينافي الخشوع أن يصلي الشخص وقد حصره البول أو الغائط،
ولذلك نهى رسول الله
أن يصلي الرجل
و هو حاقن: أي الحابس البول، أوحاقب: و هو الحابس للغائط، قال اصلى
الله عليه وسلم: { لا صلاة بحضرة طعام
ولا وهو يدافعه الأخبثان } [صحيح مسلم]، وهذه المدافعة
بلا ريب تذهب بالخشوع. ويشمل هذا الحكم أيضا مدافعة الريح.
23- أن لا يصلي وقد غلبه النّعاس: عن
أنس بن مالك قال، قال رسول الله
:
{ إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى
يعلم ما يقول } [رواه البخاري].
24- أن لا يصلي خلف المتحدث أو
النائم: لأن النبي
نهى عن ذلك
فقال: { لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث
} لأن المتحدث يلهي بحديثه، ويشغل المصلي عن
صلاته.والنائم قد يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته. فإذا أُمن ذلك فلا
تُكره الصلاة خلف النائم والله أعلم.
25- عدم الانشغال بتسوية الحصى: روى
البخاري رحمه الله تعالى عن معيقيب رضي الله عنه:
{ أن النبي
قال في الرجل
يسوي التراب حيث يسجد قال: إن كنت فاعلا فواحدة } والعلة
في هذا النهي ؛ المحافظة على الخشوع ولئلا يكثر العمل في الصلاة.
والأَولى إذا كان موضع سجوده يحتاج إلى تسوية فليسوه قبل الدخول في
الصلاة.
26- عدم التشويش بالقراءة على
الآخرين: قال رسول الله
:
{ ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم
بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة } أو قال ( في
الصلاة ) [رواه أبو داود].
27- ترك الالتفات في الصلاة: لحديث
أبي ذر قال:
قال رسول الله :
{ لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد
وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه } وقد
سئل رسول الله
عن الالتفات في الصلاة فقال: { اختلاس
يختلسه الشيطان من صلاة العبد } [رواه البخاري].
28- عدم رفع البصر إلى السماء: وقد
ورد النهي عن ذلك والوعيد على فعله في قوله
:
{ إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره
إلى السماء } [رواه أحمد]، واشتد نهي النبي صلى الله
عليه و سلم عن ذلك حتى قال: { لينتهنّ عن
ذلك أو لتخطفن أبصارهم } [رواه البخاري].
29- أن لا يبصق أمامه في الصلاة:
لأنه مما ينافي الخشوع في الصلاة والأدب مع الله لقوله
:
{ إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَل
وجهه فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى } [رواه البخاري].
30- مجاهدة التثاؤب في الصلاة: قال
رسول الله :
{ إذا تثاءَب أحدُكم في الصلاة فليكظِم
ما استطاع فإن الشيطان يدخل } [رواه مسلم].
31- عدم الاختصار في الصلاة: عن أبي
هريرة قال: { نهى رسول الله
عن الاختصار
في الصلاة } والاختصار هو أن يضع يديه على الخصر.
32- ترك السدل في الصلاة: لما ورد أن
رسول الله :
{ نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل
فاه } [رواه أبو داود] والسدل ؛ إرسال الثوب حتى يصيب
الأرض.
33- ترك التشبه بالبهائم: فقد نهى
رسول الله في
الصلاة عن ثلاث: عن نقر الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المقام
الواحد كإيطان البعير، وإبطان البعير: يألف الرجل مكانا معلوما من
المسجد مخصوصا به يصلي فيه كالبعير لا يُغير مناخه فيوطنه.
هذا ما تيسر ذكره من الأسباب الجالبة
للخشوع لتحصيلها والأسباب المشغلة عنه لتلافيها.
والحمد لله و الصلاة و السلام على
نبينا محمد. |