مخطط اغتيال أم مؤامرة واحتيـال؟!!

الشيخ حامد بن عبد الله العلي

واضـحٌ أنَّ النظام الحاكم في طهران هو الذي يغذِّي هذه العنصرية البغيضة، ومن أوضح الشواهد على ذلك، أنَّ أحد كبار أستاذة حوزة قم الدينية، والأب الروحي للرئيس الإيراني الحالي (أحمدي نجاد)، هو مؤلـف كتاب (سيد المرسلين)، قـد أفرد في هذا الكتـاب أكثر من مائة صفحة لسبّ العرب!


زشير شتر خوردن وسوسمار
عرب را به جايی رسيده است کار
که تاج کيانی، کند آرزو
تفو، بر تو ای چرخ گردون، تفو

الترجمة من الفارسية إلى العربية: (من شرب لبن الإبل، وأكل الضب، بلغ الأمر بالعرب مبلغا أن يطمحوا فـي تاج الملك، تفـو عليـك أيها الزمان الدوَّار وسحقـا!!).

ليس هذه سوى أربعـة أبيات من (الشاهنامة)! وهي ملحمة شعرية فارسية شعوبية مليئة بشتم العرب، وبتمجيد الفرس قبل الإسلام، لشاعـر فارسي حاقد هلك قبل ألف سنة، وقـد قامت (مؤسسة نور) المكتب الإعلامي للحوزة في قم! - نعم الحوزة الدينية في قم - بطبع هذه (الشاهنامة) على أقراص مدمجة بترجمة عربية، وفرنسية، وإنجليزية! مع معرض صور لقبر هذا الشاعر المريض بضغائـن الشعوبية! لتوزيعها عبر العالـم!


رغـم أنّ الحكاية الأمريكية عن مخطط الاغتيـال غير قابلة للتصديق! غير أنّ سنن الله تعالى لا تتبدَّل، فالجزاء من جنس العمل، ومثل مكر السوء الذي لم يفتأ طغاة طهران يبثـُّون سمومـَه على أمّة الإسلام، دارت الدوائر عليهم، وإنما يسلّط الله على الظالميـن.

وعلى أية حال، فإنَّ جرائـم هذا النظام العفـن الجاثم على صدر الشعب الإيراني، والمتآمر على أمة النبيّ العدناني، إنَّ جرائمه التي بها يستحق نزول العقوبة الإلهية، لا تمـتُّ للحاجـة إلى فبركات سخيفة بصـلة!

ولعمري، ليس ثمة خيـر على أمّة الإسلام، ولا على هذه النهضة المباركة التي تشتعل في بقاع بلادنا العربية، مثل سقوط رأس الطغيان في طهران، وقطع رأس الأفعى في إيـران، وذلك سيحدث بإذن الله بربيع إيراني على غرار الربيع العربي قريبا.

وإنـّه ليجب علينا إجلالاً لإنجاز الشعب الإيراني أن نعترف له بالأسبقية إلى ربيـعه، وبالتقدّم علينـا بثورتـه، عندما ثار على تزوير الانتخابات قبل عامين، وقد قـدَّم تضحيات عظيمة ليتخلَّص من طغاته، غير أنـَّه تعرّض لقمع نظام لا شيء هـي وحشية (شارون الصهيوني) بالنسبة إليه، وتتعرض جرائم (هتلر) لظلم عظيم إذا قيست عليه!


وإذا أردت أن تلمّح لمحة من جرائمه، أو أن ترى مشهداً خاطفاً من فظائعه، فانظر إلى ضحايا الشعـب السوري المجاهـد، فإنَّ تلك المشاهد المروّعـة التي تقشعـرّ منها الأبدان، وتتهوّل من فظائعها النفوس، هـي بعض ما تفضل به النظام الإيراني على النظام السوري من معونة، وخبرة، وعناصر لقمع الثورة السورية.

إنـّه نظام تولـَّد من نطفة الشرّ، وخرج من رحم الكراهيـة، ورضع لبان البغضـاء، وتربىَّ في أحضان الضغائن، وشبَّ في مدرسة الإحـن، وتخرَّج من جامعة الأحقـاد.

ولم يزل منذ تسلُّطه على الشعب الإيراني، يستثمر كلَّ ثروات أرضه، ويدفـع بكلَّ طاقـة يجـدها فيه، ليحقـّق حلماً واحداً يحرّكه الشيطان في رأسه، كما تحرك الساحرة عزائمهـا في قدْر سحرها وتنفـث فيه! وهو القضاء على العروبة، والانتقام للمجوسية، بتدميـر الإسلام.

ولانتجنـَّى والله.. فهذا المفكِّر الإيراني البارز الأستاذ في جامعة طهران (صادق زيبا) يصرِّح لصحيفة (صبح أزادي) الإيرانية الأسبوعية الأسبوع الماضي: (يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب، ولم ننس القادسية بعد مرور 1400 عام عليها، فنخفي في أعماقنا ضغينة، وحقداً دفينَين اتّجاه العرب، وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب كلما سنحت لها الفرصة) أ هـ.

وللإنصاف فالمفكِّر (زيبـا) لـم يقـرّ في لقائه هذه العنصـرية المقيتة، ولكنه يحكيها كواقع.


وواضـحٌ أنَّ النظام الحاكم في طهران هو الذي يغذِّي هذه العنصرية البغيضة، ومن أوضح الشواهد على ذلك، أنَّ أحد كبار أستاذة حوزة قم الدينية، والأب الروحي للرئيس الإيراني الحالي (أحمدي نجاد)، هو مؤلـف كتاب (سيد المرسلين)، قـد أفرد في هذا الكتـاب أكثر من مائة صفحة لسبّ العرب!

وقـد زعـم فيه أنَّ ما حمله القرآن من تحذير، ونذير، إنما هو موجَّه للعرب على وجه الخصوص، لا غيـرهم، وأنّ الأقوام التي أنزل الله عليها الغضب، وأبادها كانت أقواما عربية! وقد سُمّيت بالعرب البائدة، وأنَّ المعنيين بالجاهلية هم العرب تحديداً لا سواهـم!!

و لا ريب أنّ من يدري الطغمة الحاكمة في طهران حق الدراية، يقسم: لكأنَّ هذا النظام الخبيث، ليس له هـمُّ، و لا يحمـل رسالةً، إلاّ تحقيـق حلمـه الإبليسي بالقضاء على (الإسلام العربي)، ليسخـِّر لذلك كلَّ شيء، وليستغل كلّ فرصة، وليمعـن في كلّ خيانة ضد الأمـّة!

إلى درجة أنه نسـي بركان الغضب الذي تشتعل حممُه داخل الشعب الإيراني، وبلوغه حافة الثورة على الثـورة، بعـد أن كفرُوا بها، وبكلّ شعاراتها.


كما وصف رئيس الشؤون الثقافية في بلدية طهران الشيخ (محمد علي زام) - كما نقل عنه الباحث الشيعي ذائع الصيـت (أحمد الكاتب) في كتابه لماذا يتراجع الإيرانيون عن الإلتزام الديني - وصف حالة الشعب الإيراني في ظلّ الخمينية:
(إنّ 12 مليون مواطن من 60 مليون، أي 20 بالمائة من الشعب الإيراني يعيشون تحت خط الفقر، وربما كان الواقع أكثر من ذلك بكثير، قد يتجاوز نسبة الخمسين بالمائة، وإن 35 مليون مواطن هم دون العشرين.. ووجدوا أمامهم المستقبل غامضا ومُغلقا ولا يؤهلهم لإقامة حياة اجتماعية طبيعية، مما يفسر حالة الانحلال الجنسي، وتزايد نسبة الزنا خلال السنتين الأخيرتين فقط بنسبة 63.5%، وانخفاض معدل عمر الزناة من 27 سنة الى 20 سنة، حسبما يقول التقرير).

يقول أحمد الكاتب (وقديما قيل: "إذا دخل الفقر بلدا قال له الكفر خذني معك" فكيف إذا كان نظام الحكم المسؤول دينيا، ويعتبره الفقراء مسؤولا عن فقرهم وتعاستهم؟ وكيف إذا مارس الحكم الديني الديكتاتورية، والعنف مع المعارضة؟).


هذا في الأغلبية الفارسية، وأما الأقليَّات في نظام الثورة الخمينية، فإنَّهم من أشدّ الأقليات في العالـم بؤسـاً، وأكثرهم فقراً، وحرماناً، ولا سيَّما أهل السنة، كما عرب الأحواز، كما بينّا ذلك في مقال بعنوان (القضية الأحوازية والفتنة الخمينية) هنـا.

هذا.. وإنّ أعظـم جرائم طغاة طهران هرولَتُـهم إلى تحقيق هدف التحالف الصهيوغربي بالهجوم على حضارتنا من داخلها، ظنـَّا منهم أنهـا فرصتهم السانحـة للانتقام من أمّتـنا، والقضاء عليها!

ورضاهم أن يُسخَّـرُوا في مخطط هذا التحالف الشيطاني، لتدمير العراق، وقبله احتلال أفغانستـان، وإشعال الفتن في بلاد الإسلام! طامعيـن أنهم سيبنـون تحت جناحـي ذلك المخطـط إمبراطوريتهم الشعوبية، ثـم يعلنونـها منقلبين على من سخَّرهم!!


وقد نسوا أنَّ لهذه الأمـَّة ربـَّا يحميها، وأنَّ لـه سنناً ماضية في كونه يبرمها، ويقضيهـا، فجاءتهم هذه الثورات العربية المباركة من حيث لايشعرون، واشتعلت نارها من حيث لايتوقعـون.
فأفسـد الشعب السوري البطل عليهم مخططهم، وأبطـل كيدهم، فانقـلبت الموازين إلى غير ما يخططـون، وتغيـَّرت الرياح إلى غير ما يشتهـون.

وعن قريب بإذن الله سيرينا الله تعالى فيهم آياته، {وَاللَّـهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِ‌هِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ‌ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21].

{لقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُون} [الزخرف: 78].
{أمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} [الزخرف: 79].
{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُون} [الزخرف: 80].

والله المستعان على ما يصفون، وهو حسبنا، عليه توكّلنا، وعليه فليتوكّـل المتوكّـلون.


12/10/2011 م