الإخوان وأمانة الكنانة..

اليوم نتكلم في السياسة من موقع الناصح المحب المشفق، لأننا وسائر المخلصين نلتقي على الأطر العامة والأسس الراسخة للمشروع الحضاري الإسلامي، فكلامنا ينبع من قلب أخ محب وليس من موقع محايد لا يبالي أو منطلق مناوئ كنود، ولذلك نحن بصدد قراءة آنية للوضع الراهن لممارسات الجماعة...


لسنا في معرض مناقشة شرعية أو فكرية مع جماعة الإخوان المسلمين، ولسنا كذلك في وارد البحث في تاريخهم بما له وما عليه، فتلك شؤون يمكن بسطها في الكتب المؤصلة أو المؤتمرات العلمية الرصينة.

لكننا اليوم نتكلم في السياسة من موقع الناصح المحب المشفق، لأننا وسائر المخلصين نلتقي على الأطر العامة والأسس الراسخة للمشروع الحضاري الإسلامي، فكلامنا ينبع من قلب أخ محب وليس من موقع محايد لا يبالي أو منطلق مناوئ كنود، ولذلك نحن بصدد قراءة آنية للوضع الراهن لممارسات الجماعة، ليس لذاتها وإنما لأن مصير الثورة المصرية الرائعة موضوعٌ الآن على المحك، بعد ظهور نتيجة المرحلة الأولى من انتخابات رئاسة الجمهورية في أول انتخابات تعددية في تاريخ مصر.فقد تأهل للمرحلة الثانية والحاسمة مرشح الإخوان محمد مرسي ومرشح فلول نظام مبارك أحمد شفيق الذي كان آخر رئيس وزراء للرئيس المخلوع، وتولى إدارة عمليات "البلطجة" لوأد الثورة في ما سماه الثوار المصريون( موقعة الجمل).


وبما أن صديقك مَنْ صَدَقَك وليس من صَدّقك، فإننا نصارح الإخوة بأن أداءهم غير الموفق هو المسؤول الأول عن الصورة القاتمة التي أسفرت عنها المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية، فوصول شخص مثل أحمد شفيق إلى المرحلة الثانية مستحيل أو يقرب من المستحيل، لولا الأخطاء الجسام التي وقعت فيها جماعة الإخوان.ولعل متعجلاً يتعصب للرجال أكثر من حماسته للحق يجادل بأن العلمانيين والأقباط الذين زرع شنودة فيهم العداء الملتهب للإسلام والمسلمين، هم الذين حشدوا طاقاتهم ضد مرشح الإخوان!!وهذا تشخيص صحيح لكنه معلوم ومتوقع من قبل، لكن المغالطة تكمن في تضخيم دوره، فلا العلمانيون على اختلاف ألوانهم ولا القبط بنسبتهم العددية المحدودة بقادرين على حمل شفيق حتى حصوله على ربع أصوات الناخبين!!


إن الإخوان ارتكبوا جملة من الأخطاء القاتلة-والنيات مهما كانت حسنة لا تكفي لبلوغ نتائج طيبة- على امتداد الفترة الانتقالية، بدءاً من تغليب الجانب الحزبي الضيق على الرؤية العامة والمصالح العليا للبلاد وحتى لمستقبل التيارات الإسلامية، إذ انحازت الجماعة إلى المواقف غير المنسجمة مع كثير من فاعليات الحراك الثوري بما يضمه من شرائح شبابية نظيفة ويمكن استقطابها لولا شعورها بالمرارة من تخلي الجماعة عن متابعة النشاط الثوري لحسابات ذاتية للجماعة لم تستطع إقناعهم بها.


ثم كانت خسارة الجماعة لشرائح عريضة تنتمي في الجملة إلى المشروع الإسلامي، بما في ذلك تصديها الشرس للدكتور عبد المنعم ابو الفتوح الذي ترشح لمنصب الرئاسة بينما كانت الجماعة قد تعهدت بعدم ترشيح أي شخص منها للموقع الأول في هرم السلطة. وكان بإمكان الإخوان فصل أبو الفتوح من التنظيم مع دعمه فعلياً!!كما تصدع الصف الإسلامي بسبب تبديل الجماعة موقفها عندما قررت ترشيح نائب المرشد خيرت الشاطر ثم اضطرت إلى اعتماد مرشحها الاحتياطي محمد مرسي، فأغضبت الشارع وأساءت إلى صورتها وقلصت مساحة الثقة بوعودها، وخسرت السلفيين وشطراً من الجماعة الإسلامية وحزب الوسط وأعداداً غير قليلة من أبناء الجماعة الغاضبين.


الآن لم يعد للتذكير بتلك الوقائع المهمة من فائدة غير العظة مما جرى، والإفادة من دروسها، فقد وقعت الواقعة وبات القلق مشروعاً، ولم يعد أمام الجماعة من مفر سوى تقديم تنازلات فعلية لقوى أخرى لأنها بخلت بتنازلات أدنى لإخوة الدرب من قبل!!

فإذا استطاع الإخوان معالجة الخلل ونجح مرشحهم في المرحلة الثانية من الانتخابات –كما نتمنى ويتمنون-فإن الواجب يقتضي منا تنبيههم إلى الثغرة الكبرى التي يتسم بها تفكيرهم إزاء المد الصفوي، فهم يهوّنون من خطورته بالرغم من ظهور آثاره الكارثية في الشام –سوريا ولبنان-وفي العراق واليمن فضلاً عن تهديده للأمن القومي للخليج العربي وأهله.فإذا غفل الإخوة عن البعد العقدي بالرغم من اشتهاره في الفضائيات والمواقع الإلكترونية، فإن التغافل عن شروره السياسية الاستئصالية يعني –لا قدر الله- التضحية بمصر الكنانة والسماح للمجوس الجدد باستعادة السيطرة على مصر العزيزة على غرار العبيديين .. صحيح أن الشعب المصري الواعي لن يسمح بصورة أليمة كهذه لكن التنبه إلى الخبث الصفوي منذ البدء خير من قنطار علاج بعد ولوج الداء واستفحاله والعياذ بالله!!


14/7/1433 هـ
 

<