فلماذا حسّنت مصر علاقتها بحماس بعد الثورة؟!

أمير سعيد

هل توافر لدى المجلس العسكري تلك المعلومات المزعومة عن حماس وذراعها العسكري (القسام): بأنها هي من قتلت الثوار، ثم هو عمد إلى تحسين العلاقات لأعلى مدى وسمح لكبار قادة حماس بزيارة مصر، ومع كل هذا يقول المرشح الرئاسي الفريق: (أحمد شفيق) إن حماس هي التي قتلت الثوار في مصر؟!



هل توافر لدى المجلس العسكري تلك المعلومات المزعومة عن حماس وذراعها العسكري (القسام): بأنها هي من قتلت الثوار، ثم هو عمد إلى تحسين العلاقات لأعلى مدى وسمح لكبار قادة حماس بزيارة مصر، وقاد المصالحة بين حماس وفتح للحد الذي جعل الطرفين يشكرانه كثيرًاً على جهده المتواصل، وفي قلب هذا الجهد جهاز المخابرات المصري الذي قاد جهود المصالحة، ومع كل هذا يقول المرشح الرئاسي الفريق: (أحمد شفيق) إن حماس هي التي قتلت الثوار في مصر؟!


وهل تأكدت تلك المعلومات للحد الذي جعل السلطات المصرية تخفف القيود المفروضة على عبور الفلسطينيين من غزة التي تسيطر عليها حماس؟!

إن ما يسوقه الفريق يقدح في كل السلطات والأجهزة المعنية في مصر، ويقود إلى الاعتقاد بأن تلك السلطات التي تحتشد الملايين الآن في الميادين غضباً من أحكام قضائية، قال المحتجون إن سببها الأول عائد إلى إخفاء الأدلة على ارتكاب المتهمين جرائم قتل الثوار، هذه السلطات قد تسترت على هذا الاختراق الهائل في أمن مصر -وفقاً لتلك المزاعم- وغضت الطرف عن عبور العشرات من كتائب القسام لمئات الكيلو مترات ذهاباً وإياباً بين القاهرة وغزة لإحداث الوقيعة بين السلطة التي كان يشغل رئاسة حكومتها حينئذ، الفريق أحمد شفيق، والشعب (المخدوع) بالثورة!


في دفاعه عن موقفه، يشدد شفيق أكثر من مرة على أن الميدان كان خارج السيطرة لا سيما في مساء (موقعة الجمل)، لاعتبار أن الشرطة لم تكن موجودة، وهذا صحيح في حده المدني، غير أن السلطة العسكرية كانت موجودة، والمخابرات لم تكن غائبة، ومئات الكيلو مترات من الحدود حتى قلب القاهرة كان يفترض أنه كان في حيز السيطرة، وإلا فما معنى أن الجيش حينئذ قد تسلم مهمة حفظ الأمن، علاوة على مهامه الأصلية والتي منها حماية حدود مصر؟! ومنها بالطبع حدودنا مع غزة.

ولذا فالعجيب أن يتحدث الفريق هكذا بحديث يقدح في الدور الوطني الذي قام به الجيش في حفظ حدودنا، فضلاً عن التعريض بدوره في حفظ أرواح الثوار في التحرير، وقد تعهد حينئذ بحماية المصريين، ولا يقبل أبداً أن يقال بأن قواتنا المسلحة قد تهاونت في حماية الشعب ضد عدوان خارجي يقوم به أجانب -أعني الفلسطينيين هنا بالمعنى الإجرائي والقانوني- وبالتالي فإن هذا الحديث خطير للغاية في هذا السياق وبهذه الطريقة التي سلكها.

ومن الممكن أن نفهم أن الحملة الانتخابية تفرض على المرشح الرئاسي أن يتعرض لخصمه ويحاول أن يسدد له ضربات تحت الحزام، سواء بحق أو بباطل، لكن ما لا يمكن فهمه هو الزج بالسلطات المنوط بها حفظ الأمن في تلك المعركة الانتخابية، وتشويه صورتها وجعلها تبدو كمفرطة في حفظ أمن البلاد، صامتة عن تدخل حماس السافر في شؤون البلاد..!

الأمر يتخطى ذلك كما سلف، فلو أن سلطاتنا قد شعرت في لحظة ما أن الأوضاع غير مستقرة، وأنها غير مدعوة إلى تفجير الموقف مع حماس مثلاً، فمن المنطقي أن تجعل حدود علاقتها تتوقف عند الحد المتاح، لا أن ترفع من سقف
تلك العلاقات مع حركة ولغت في دماء المصريين بزعم شفيق..!


هذا الكلام سواء أَدَرى الفريق أم لم يدرِ، مسيء لمؤسسة نعتز بها جميعاً، وإن اختلفنا مع بعض أفرادها، وهو حديث ارتجالي يبدو أنه لم يأخذ حقه من الدراسة جيداً، لا من شفيق ولا ممن سرب إليه هذه المعلومة المكذوبة التي أريد لها أن تكون فزاعة للجماعة، وللمواطنين على حد سواء، حيث تظهر وتختفي كل فترة على توقيت محسوب قصده الإرهاب السياسي لمنافسين، ومحاولة إلقاء الرعب في روعهم في زمن، مهما قلنا حول إجهاض الحلم فيه؛ فإنه زمن ثورة، لن يقبل من بعدها الشعب كله، بمن فيهم الإخوان بهذا الاستخفاف بعقله وفكره على هذا النحو المزري، لا سيما حين يوجه كلامه هذا فيما يدير الوسيط المصري في القاهرة مفاوضات بين حماس وفتح في اليوم ذاته، الذي يصب المرشح جام غضبه على الحركة ما يضع الراعي المصري في حرج بالغ، وهو يجلس الآن بين الوفدين الفلسطينيين الشقيقين.


آمل وغيري، أن يدرك الفريق أن مثل هذه التصريحات تعرض صورة مصر للتشويه، لا سيما حين يتهم جماعة الإخوان بالإرهاب صراحة، ويتهم أعضاء في البرلمان بالتستر أو المشاركة في إرهاب مزعوم في الميدان أثناء الثورة..

الأخطر أيها الفريق: أنك حين تتهم جماعة ينتسب إليها الرجل الثاني في مصر بنص الدستور السابق (د.الكتاتني)، وتحوز الأكثرية في البرلمان بالإرهاب؛ فأنت تصم دولة مصر ونظامها الحالي بالإرهاب أمام المجتمع الدولي كله!