الزعيم المورسكي مولاي عبد الله محمد - فارس الأندلس الأخير

ملفات متنوعة

مفكرة الإسلام : قامت دولة الإسلام في الأندلس منذ سنة 92هجرية، وظلت قائمةوصامدة تتقلب من طور لآخر ومن حال لحال، بين قوة وضعف ووحدة وتفرّق وعزّةوذلّة، حتى تكاثرت عليها الخطوب وأحاط بها الأعداء من كل مكان، فسقطت بعدعمرٍ مديد، وحكمٍ فريد سنة 897هجرية، أي أنها ظلت قائمة حية طيلة ثمانيقرون، وهى بذلك تعتبر أطول دول الإسلام عمراً، وكان حادث سقوطها مدوّياًآلم كل المسلمين على وجه الأرض، حتى أن سلطان مصر المملوكي وقتها 'الأشرفقايتباي' قد هدد فرناندو وإيسابيلا ملكي إسبانيا النصرانية بأن يقتل كلالنصارى الموجودين بمصر واليمن والشام إذا أساءوا لمسلمي الأندلس، بل إنحادثة سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام بالأندلس لتسامي حادثة سقوط بغدادوسقوط بيت المقدس في يد الصليبيين تارة وفي يد اليهود تارة أخرى. بالجملةكان حادث السقوط من أشهر وأخطر أحداث القرن التاسع الهجري ولكنه لم يكنالفصل الأخير في حياة المسلمين بالأندلس؛ حيث جاءت بعد ذلك أحداث وفصولأشد مأساوية وأكثر إيلاماً، وبرز خلال تلك الفترة المجهولة تماماً لجمهورالمسلمين العديد من الأبطال والفرسان الذين حاولوا استعادة الملك القديم،وصاحبنا هذا هو فارس الأندلس الأخير.

محاكم التفتيش

لم تكنالدموع التي ذرفها الأمير أبو عبد الله محمد وهو يسلّم مفاتيح قصورالحمراء بغرناطة لملكي إسبانيا النصرانية 'فرناندو' و'إيسابيلا'، هيالدموع الأخيرة في بلاد الأندلس، إذ أعقبها الكثير والكثير من الدموعوالدماء، فرغم العهود والأيمان المغلّظة التي قطعها ' فرناندو' على نفسهووقع عليها في وثيقة استلام غرناطة الشهيرة، إلا أن الله عز وجل الذي هوأصدق قيلاً قال في محكم التنزيل {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّوَلاَ ذِمَّةً}، وقال {إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءًوَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِوَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ}، فأبت على فردناندو صليبيته أن يفيللمسلمين بشيء من العهود والمواثيق، وكانت هذه الوثيقة ستاراً للغدروالخيانة وشنيع ما سيقترف بالمسلمين في الأندلس.


عهد الملك الصليبي'فرناندو' إلى الكاردينال 'خمنيس' مطران طليطلة ورأس الكنيسة الإسبانيةمهمة تنصير مسلمي الأندلس، وكان هذا الرجل من أشد أهل الأرض قاطبة عداوةللإسلام والمسلمين، بل إن البغضاء المشحونة في قلبه كانت مضرباً للأمثاللعصور طويلة، فأنشأ هذا الرجل ما يسمى بديوان التحقيق أو ما عُرف تاريخياًبمحاكم التفتيش، وذلك سنة 905 هجرية، فكان أول عمل لهذه المحاكم أن جُمعتكل المصاحف وكتب العلم والفقه والحديث وأُحرقت في ميدان عام كخطوة أولىلتنصير المسلمين بقطع الصلة عن تراثهم وعلومهم الشرعية.


بدأت حملةتنصير المسلمين بعد ذلك بتحويل المساجد إلى كنائس ثم جمع من بقي منالفقهاء وأهل العلم وتمّ إجبارهم على التنصّر، فوافق البعض مكرهاً وأبىالباقون فقُتلوا شر قتلة، وكان التمثيل بجثث القتلى جرس إنذار لباقيالمسلمين إما التنصير وإما الموت والقتل والتنكيل وسلب الأموالوالممتلكات، وكانت عملية التنصير مركزّة على إقليم غرناطة ومنه انتقلتحمّى التنصير إلى باقي بلاد الأندلس، حيث كان هناك الكثير من المسلمين تحتحكم النصارى خاصة في الوسط والشرق.


هبَّ المسلمون بما بقي عندهم منحمية وغيرة على الدين للدفاع عن هويتهم وعقيدتهم، فاندلعت الثورة في عدةأماكن من غرناطة وغيرها، واعتزم المسلمون الموت في سبيل دينهم، ولكنهمكانوا عزّلاً بلا سلاح ولا عتاد، فقمع الصليبيون الثورات بمنتهى الشدة،فقُتِلَ الرجال وسبيت النساء وقضي بالموت على مناطق بأسرها ماعدا الأطفالالذين دون الحادية عشرة حيث تم تنصيرهم، وبعد قمع الثورة بمنتهى العنفوالقسوة، أصدر 'فرناندو' منشوراً بوجوب اعتناق المسلمين للنصرانية، وذلكسنة 906 هجرية ومن يومها ظهر ما يعرف في تاريخ الأندلس المفقود باسم'الموريسكيين' وهي كلمة إسبانية معناها المسلمين الأصاغر أو العربالمتنصرين، ومحنتهم تفوق الخيال وما لاقوه وعانوه من إسبانيا الصليبية لايخطر على بال.

الموريسكيون

ظهرت في بلاد الأندلس المفقودطائفة الموريسكيين وهم المسلمون الذين اضطروا للبقاء وأُجبِروا على إظهارالنصرانية وترك الإسلام، وهذه الطائفة رغم البطش والتنكيل الشديد الذي تمبها لتجبر على التنصر، إلا إنها ظلت مستمسكة بدينها في السر، فالمسلمونيصلّون سراً في بيوتهم، ويحافظون على شعائرهم قدر استطاعتهم وذلك وسط بحرمتلاطم من الاضطهاد والتنكيل والشك والريبة.


كانت العداوة الصليبيةالمستقرة في قلوب الأسبان تجاه مسلمي الأندلس أكبر من مسألة الدين أوغيرها، فقد كانت هناك رغبة جامحة عند قساوسة ورهبان أسبانيا لاستئصالالأمة الأندلسية، فظل الموريسكييون موضع ريب وشك من جانب الكاردينالاللعنة 'خمنيس' وديوان التحقيق، فعمل 'خمنيس' على الزج بآلاف الموريسكيينإلى محاكم التفتيش حيث آلات التعذيب والتنكيل التي تقشعر لها الأبدانويشيب منها الولدان، وذلك للتأكد من صدق تنصّرهم وخالص ارتدادهم عنالإسلام، وكانت أدنى إشارة أو علامة تصدر من الموريسكيين وتدلّ على حنينهمللإسلام كفيلة بإهدار دمائهم وحرقهم وهم أحياء. واستمرت إسبانيا الصليبيةفي سياسة الاضطهاد والقمع والتنكيل بالموريسكيين، وبلغت المأساة مداهابعدما أصدر 'شارل الخامس' قراراً بمنع سفر الموريسكيين خارج إسبانياباعتبارهم نصارى، ومن يخالف يُقتل وتُصادر أملاكه، وعندها اندلعت الصدورالمحترقة بثورة كبيرة في بلاد الأندلس.

الثورة الشاملة

كان تولي الإمبراطور 'فليب الثاني' عرش إسبانيا بداية حملة اضطهاد غير مسبوقةللموريسكيين الذين كانوا موضع شك دائم من قبل الكنيسة ورهبانها الذينكانوا يشعرون في قرارة أنفسهم أن الموريسكيين ما زالوا على الإسلام فيسويداء قلوبهم، وكان 'فليب الثاني' ملكاً شديد التعصب، كثير التأثّر بنفوذالأحبار، فأصدر حزمة من القرارات جاءت بمثابة الضربة القاتلة لبقايا الأمةالأندلسية وذلك بتجريدها من مقوماتها القومية الأخيرة بتحريم استخداماللغة العربية والملابس العربية، وعندها قامت الثورة الشاملة، وكان مركزالثورة في منطقة جبل 'الشارات' واندلع لهيب الثورة منها في أنحاء الأندلسودوّت صيحة الحرب القديمة وأعلن الموريسكيون استقلالهم، واستعدوا لخوضمعركة الحياة أو الموت، واختار الثوار أميراً لهم اسمه 'محمد بن أميّة' يرجع أصله إلى بنى أميّة الخلفاء كإشارة على استعادة الخلافة ودولةالإسلام في الأندلس مرة أخرى.


حقق الموريسكيون عدة انتصارات متتالية،اهتزت لها عروش النصرانية في أسبانيا وأوروبا، فأعدّت أسبانيا حملة عسكريةضخمة يقودها أمهر قادتهم هو 'الدون خوان'، وجاء المجاهدون المسلمون منالمغرب العربي وانضمت فرقة عسكرية عثمانية للثوار جاءتهم من تونس، وكانالأسبان يقتلون من يقع في أسرهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل حتى الأطفالوالنساء لم يسلموا من أفعالهم، وزاد ذلك الثوار يقينا بحتمية الاستمرار فيالثورة والقتال حتى الموت، وقويت العزائم وتقاطر المجاهدون المغاربة علىالأندلس، وهنا امتدت أيدي الغدر والخيانة في الظلام لتغتال حلم الأندلسيينبمكيدة شريرة ويقتل الأمير 'محمد بن أمية' قبل أن يحقق هدفه المنشود.

القائد الجديد

بعد اغتيال 'محمد بن أمية' لم تكن هذه الثورة لتقف أو تنتهي بموت زعيمها،فاختار الثوار أميراً جديداً هو ابن عم القتيل واسمه 'مولاي عبد اللهمحمد'، وكان أكثر فطنة وروية وتدبراً، فحمل الجميع على احترامه ونظم جيشالثوار وجعله على الطراز الدولي ويفوق في تنظيمه الجيش الصليبي الأسبانيواستطاع 'مولاي عبد الله' أن يستولي على عدة مدن هامة مثل مدينة 'أرجبة' التي كانت مفتاح غرناطة والتي كان سقوطها شرارة اندلاع ثورة الموريسكيينوذيوع شهرة 'مولاي عبد الله محمد'.


حشدت إسبانيا أعداداً ضخمة منمقاتليها يقودهم 'الدون خوان'، فحاصر هذا الجيش الجرار الثوار في بلدة'جليرا' وكان مع الثوار فرقة من الجنود العثمانيين، ودارت رحى معركة فيمنتهى الشراسة أبدى فيها المسلمون بسالة رائعة، ولكن المدينة سقطت فيالنهاية ودخلها الأسبان دخول الضواري المفترسة وارتكبوا مذبحة مروعة شنيعةلم يتركوا فيها صغيراً ولا كبيراً ولا طفلاً ولا امرأةً، وحاول 'الدونخوان' مطاردة فلول الثوار ولكنه وقع في كمين للثوار في شعب الجبال عندمدينة 'بسطة' وأوقع الثوار هزيمة فادحة بالصليبيين الأسبان، جعلت الحكومةالأسبانية تفكر في مصالحة الثوار المسلمين.

السلام الفاشل

عرضت الحكومة الصليبية الإسبانية على المسلمين الثائرين معاهدة سلام لإنهاءالقتال، فبعث 'الدون جوان' إلى أحد الثائرين واسمه 'الحبقي' وقد لمحت فيهإسبانيا الصليبية بعض المؤهلات التي ترشحه للتفاوض وقبول شروطها المجحفةفي السلام، وكانت شروط المعاهدة تتضمن وقف انتفاضة المسلمين فوراً، وفيسبيل ذلك يصدر وعد ملكي بالعفو عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهمفي ظرف عشرين يوماً من إعلانه ولهم أن يقدموا تظلمهم وشكاواهم مع الوعدبالبحث فيها ودراستها!


وكل من رفض العفو والخضوع للسلطة الصليبية سيقتلما عدا النساء والأطفال دون الرابعة عشرة والسبب بالقطع معروف النساءسبايا والأطفال ينصرون.


كانت شروط السلام الصليبي المعروض علىالموريسكيين كفيلة بأن يرفض الأمير مولاي عبد الله محمد هذه المعاهدةالجائرة التي لا تعطي المسلمين شيئاً وليس لها سوى هدف واحد وهو إيقافثورة المسلمين فقط لا غير، وأيقن المسلمون أن الأسبان الصليبيين لا عهدلهم ولا ذمة، فانقلب النصارى يفتكون بكل المسلمين في أنحاء أسبانيا سواءًمن اشترك في الثورة أم لم يشترك، واشتبك الدون خوان مع قوات مولاي عبدالله في عدة معارك ولكنها غير حاسمة، وفي نفس الوقت أبقى الأسبان على خطالتفاوض مع الزعيم 'الحبقي' الذي رأى فيه النصارى السبيل لشق صف الثوارالمسلمين .

سار مجرى القتال في غير صالح المسلمين لانعدام التكافؤبين الطرفين خلا الإيمان بالله عز وجل، ورأى مولاي عبد الله أن أتباعهيسقطون من حوله تباعاً، وتجهّم الموقف والقوة الغاشمة تجتاح كل شيء، فبدأيفكر في الصلح والسلام ولكن بغير الشروط السابقة، وتدخّل بعض زعماءالأسبان ممن له عقل وتدبير لإجراء الصلح، ولكن 'الحبقي' استبق الجميع وشقصف الثورة وخرج عن طاعة مولاي عبد الله ومن معه، وذهب بسرية من فرسانه إلىمعسكر الصليبيين وقدم الخضوع والذلة إلى قائدهم 'الدون خوان'.


كانت هذهالخطوة الذليلة من 'الحبقي' محل سخط كل المسلمين وخاصة زعيمهم مولاي عبدالله، فلقد لمح أن 'الحبقي' يروّج بمنتهى القوة لهذا السلام الذي هو خضوعوذلة بالكلية للصليبيين، وأن الصف المسلم يتصدع بمحاولات 'الحبقي' وأراجيفه، خاصة بعدما لمح المسلمون نية الصليبيين في نفيهم بالكلية عنالأندلس، وهذا يجعل الهدف والداعي الذي قامت من أجله الثورة في الأصلهباءً منثوراً، وكيف سيعيدون دولة الإسلام في الأندلس مرة أخرى إذا طردوامن أوطانهم، لهذه الأسباب كلها قرر مجلس قيادة الثورة إعدام 'الحبقي' الذيظهر منه ما يدل على عمالته وولائه للصليبيين.

استئناف القتال

أعلن مولاي عبد الله أن الثورة لن تتوقف، وأن الموريسكيين سيجاهدون حتى الموت،وأن حلمهم بإعادة دولة الإسلام في الأندلس لم يمت في قلوبهم، وأنه يؤثر أنيموت مسلماً مخلصاً لدينه ووطنه مما بذلوا له من وعود معسولة وأمانيكاذبة .


وكان لهذا الموقف الشجاع من مولاي عبد الله فعل السحر في نفوس المسلمين في جميع أنحاء أسبانيا، فاندلعت الثورة كالنار في الهشيم، وقابل الأسبان ذلك بمنتهى القسوة والشدة بل والحقد الجنوني، حيث مضوا في القتل والتخريب لكل ما هو مسلم، وهدموا القرى والضياع والحقول حتى لا يبقى للثوار مثوى أو مصدر للقوت.
كانت لهذه القسوة المفزعة أثر كبير على نفوس الموريسكيين حيث فرَّ كثير منهم من البلاد كلها إلى إخوانهم المسلمين في إفريقية. وفي 28 أكتوبر سنة1570 أصدر فليب الثاني قراراً بنفي الموريسكيين من مملكة غرناطة إلى داخل البلاد الأخرى بأسبانيا، ويوزعون على سائر الولايات الإسبانية بل مصادرة أملاكهم وأموالهم. ووقع تنفيذ القرار في مشهد يندى له جبين البشرية من الخزي؛ حيث السفك والنهب والاغتصاب، وسيق مسلمو غرناطة كالقطعان لمسافات طويلة حيث الجوع والعطش والمرض، ثم وُضعوا بعد ذلك فيما يشبه المعسكرات الجماعية حيث بقوا رهن المتابعة والرقابة الدائمة، وعُيِّنَ لهم مشرفاً خاصاً يتولى شئونهم، ووضعت لهم جملة من القيود من يخالف أدناها يقتل شر قتلة.

الخيانة ونهاية البطل

بعد هذه الوحشية منقطعة النظير، وبعد سلسلة من المذابح والمجازر البشرية المروعة في حق مسلمي الأندلس، وبعد فرار الكثير من الموريسكيين إلى إفريقية، وبعد نفي بقيتهم داخل أسبانيا، لم يبق أمام الإسبان سوى آخر فرسان الأندلس، مولاي عبد الله وجيشه الصغير الذي ظل مقاوماً للصليبيين معتصماً بأعماق الجبال، رافضاً للصلح أو المهادنة أو الخضوع لسلطة الصليب مهما كانت التضحيات، وهو في هذه الأثناء يقوم بحرب عصابات ضد الحاميات الأسبانية المنتشرة بغرناطة، وأوقعت هذه الحرب خسائر فادحة بالأسبان، ولكنها أيضاً أنهكت قوة جيش مولاي عبد الله.

ولأن هذا العصر وتلك الأيام كانت توصف بالخيانة والعمالة وحب الدنيا وكراهية الموت والخوف على النفس والمال والعيال، فلقد استطاع أعداء الإسلام أن يستقطبوا ويجنّدوا أحد ضباط مولاي عبد الله محمد ويغروه بالأموال والمنح والوعود والعفو الشامل إذا استطاع أن يسلمهم مولاي عبد الله محمد حياً أو ميتاً، وكان الإغراء قوياً ومثيراً والنفوس ضعيفة، فدبّر هذا الضابط الخائن خطته لاغتيال آخر أبطال الأندلس، وفى ذات يوم هجم الخائن مع بعض من أغواهم على البطل مولاي عبد الله الذي قاومهم قدر استطاعته ولكنه وبعد معركة غير متكافئة سقط شهيداً، فقام الخونة بفعلة شنيعة حيث ألقوا جثته من فوق الصخور لكي يراها الجميع ويعلم أسيادهم الأسبان بنجاح مخطط الغدر والخيانة، وهكذا تدفع الأمة من جديد ثمن خيانة بعض أبنائها وتفقد ولداً باراً وبطلاً عظيماً قام بنصرتها والدفاع عن عرضها وحاول استعادة مجدها ولكنه وللأسف الشديد زمن الخيانة والعمالة!

هكذا يفعلون في أبطالنا

إن ميراث الحقد والعداوة الدفين في قلوب أعداء الإسلام ضد كل ما هو مسلم ليدعو كل صادق وغيور لأن يكون على استعداد دائم للمعركة التي يخطط لها أعداء الإسلام، والصدام الوشيك بين الحق والباطل، وما فعله الأسبان بجثة البطل الشهيد مولاي عبد الله يدل على مدى الحقد الأعمى المشتعل في قلوب أعداء الإسلام، حيث قام الأسبان بحمل الجثة إلى غرناطة وهناك استقبلوها في حفل ضخم حضره الكبار والصغار الرجال والنساء، ورتبوا موكباً أركبت فيه الجثة مسندة إلى بغل وعليها ثياب كاملة كأنه إنسان حي ومن ورائها أفواج كثيرة من الموريسكيين الذين سُلِّموا عقب اغتيال زعيمهم، ثم حملت الجثة إلى النطع وأجرى فيها حكم الإعدام، فقطع رأسها ثم جرت في شوارع غرناطة مبالغة في التمثيل والتنكيل ومزقت أربعاً وأحرقت بعد ذلك في الميدان الكبير ووضع الرأس في قفص من الحديد، رفع فوق سارية في خاصة المدينة تجاه جبال البشرات معقل الثورة ومنشأها، وهكذا يفعلون في أبطالنا.


المصدر: الاسلام اليوم

<