رسالة إلى المجلس العسكري

ملفات متنوعة

لا يخفى على سيادتكم إذ أقول: أني أتوجه إليكم من منطلق المبدأ الإسلامي الذي أرساه نبينا:
«الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»..


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيْمِ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمينْ، وَالصَّلَاة والسَّلَام عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِين.

سيادة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير: محمد حسين طنطاوي -حفظه الله تعالى-.
السادة: أعضاء المجلس العسكري الموقر -حفظهم الله تعالى-.
تحية طيبة مباركة مقدسة من عند الله لكم، وسائر قواتنا البواسل.

أحمد إليكم الله تعالى الذي شرفكم في حماية هذا البلد المبارك، وسخركم في هذا الموقف المشرف اللائق بمكانتكم المرموقة في قلب كل مصري أصيل، واستخدمكم في استرداد كرامتنا المسلوبة، وعزتنا الضائعة، وحقوقنا المغتصبة، جعلكم الله دائماً وأبداً سبَّاقين إلى الخير والمعروف، وقلعة الحق التي تتدغدغ على دروعها سهام الباطل ورماح الشر وسيوف الفساد، وأقامكم الله رمزاً لسيادة الأمة وعزتها.

وبعد:
ليكن أول كلامي معكم هو أن أزف لكم بشرى الله لكم إذ قال جلّ شأنه: { وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة:٣٢].
فجزاكم الله خيراً عن كل روح طاهرة وفرتموها، وجزاكم الله خيراً عن كل قطرة دمٍ زاكية حفظتموها، وجزاكم الله خيراً عن كل عرضٍ حرام صنتموه، وجزاكم الله خيراً عن كل ثروة أبقيتموها، لم ولن ننسى لكم هذا الموقف، ولن ينساه التاريخ أبد الدهر إن شاء الله تعالى.
كما أزف لكم بشرى نبينا محمد صل الله عليه وسلم إذ يقول:
«اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فأشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به » (رواه أحمد، ومسلم).
أسأل الله أن يرفق بكم في الدنيا والآخرة كما رفقتم بأبناء دينكم وإخوة عقيدتكم.

لا يخفى على سيادتكم إذ أقول: أني أتوجه إليكم من منطلق المبدأ الإسلامي الذي أرساه نبينا:
«الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» (رواه أحمد، ومسلم).
فالنصيحة واجبة من الراعي للرعية، ومن الرعية للراعي قولاً وعملاً واعتقاداً، فأخاطبكم الآن بصفتكم أولياء أمورنا الذين تطيب لهم بذلك نفوسنا، وإني على تقديري لموقفكم المشرف الذي حقن الله به الدماء، وصان الله به البلاد، وعلى إصراري أنكم أولى من يؤتمن على مصير هذا البلد في هذه الظروف الحرجة والأحداث المصيرية، فإن حقكم علينا من النصح يحتم علينا التوجه لسيادتكم بأمور، أعوذ بالله أن تلقى مصير نظائرها في العهد الأسود البائد حيث سلة القمامة، لانشغال الحكام بجرائمهم -التي لا تعد ولا تحصى- عن الإصغاء لنصائح الأمناء.


أيها السادة أولياء أمورنا: بحق أقول لكم: إن ما أطمعني في هذه الرسالة هو ذلك الخطاب الأُسري الذي سمعته في أول حفل لسعادة المشير، والذي كان أفضل ما يتميز به شيئين...

أولهما: أنه كان خطاباً ارتجالياً يخلو من نبرة التجبر والتأله الكاذب، الذي اعتدنا عليه طوال السنين الماضية، إذ كان أقرب ما يكون إلى حديث كبير العائلة إلى عائلته، التي يحاول أن يلم شعث أبنائها، ويضمد جروحاً نزفت بفعل بعض الآثمين الخونة المندسين.

ثانيهما: التخلي عن منهج العداء للإسلام، والتنكيل بأهله في كل خطاب تودداً لأعدائه الخارجيين، بل على العكس من ذلك. .
حيث استدل بقوله صل الله عليه وسلم: « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (رواه: أحمد، ومسلم).
فلم أتمالك نفسي من البكاء حينذاك.. إذ شعرت أن زمن فرعون المحارب للإسلام قد انتهى بالفعل، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

أيها السادة أولياء أمورنا: لا يخفى على كل ذي لب أن أذرع الفساد لا زالت تعبث بأمن البلاد، وتجرها لحرب أهليه، -نعوذ بالله من شرها- ولا زال الظانون ظن السوء يظنون أن الأمة قد أخرجت الشحنة المكبوتة بداخلها، وأصبحت مؤهلةً الآن لقبول أي نظام يفرض عليها -فهيهات هيهات أنى يؤفكون-، هؤلاء الظانون ظن السوء يخرجون علينا بين الفينة والأخرى بأمور يفرضونها علينا، من شأنها أن تعبث بأواصر الثقة بيننا وبين جنودنا البواسل، وهذا إن حدث لا سمح الله فمن شأنه أن يعصف بالبلاد، ويلقي بها إلى هوة سحيقة أعوذ بالله أن تتردى فيها، والنجاة من ذلك والسبيل لتفويت الفرصة على هؤلاء العابثين، لا يكون بعد رحمة الله إلا بأيديكم أنتم أولياء أمورنا، نعم بأيديكم أنتم بعد الله، أن تأخذوا البلاد إلى بر الأمان.
وفقكم الله إلى ذلك، وأعيذكم بالله، ثم أعيذكم بالله أن تُسْتَدرجوا إلى إلقاء البلاد في حفرة جهنم عياذًا بالله.


أيها السادة أولياء أمورنا: حتى لا أطيل عليكم فإن حفاظكم على البلاد يتجسد في أمرين رئيسيين، لا يمكن أن تستقر البلاد بدونهما البتة...

أولاً: عدم إصدار أي قانون مصيري، والاقتصار على وظيفة تسيير الأعمال من المطعم والمشرب، والأمن وسائر الأمور الخدمية، لحين انتهاء المرحلة الانتقالية، فأمثلة الحيود عن ذلك المسار: ما دار عن ما يسمى بقانون توحيد دور العبادة، ومؤتمر الوفاق الوطني، الذي يفتقر إلى ممثلين حقيقيين يحظون بتأييد الأمة، بل على العكس من ذلك اقتصر المؤتمر على فئة من المغضوب عليهم من الأمة بأسرها، بداية من رئيسها المدعو بيحيى الجمل وسائر أعضائها من فلول العصبة المستبدة من السياسيين والإعلاميين، ممن ضحت الأمة بدمائها وأرواحها لأجل التخلص منهم، لقد أقر المصريون التعديلات بحيث لا يتم العبث بالدستور الحالي، أو الالتفاف عليه، ومن ثم فالوحيدون الذين لهم حق في إقرار دستور للبلاد، أو حتى وضع الأسس والدعائم لهذا الدستور، هم من يختارهم المجلس النيابي الذي اختارته الأمة، فما يجب أن يعلمه الجميع أن الأمة لم تضحي بأفلاذ أكبادها، ومُهج قلوبها حتى تستبدل مستبداً بآخر، إن الأمة ومن اليوم ترفض رفضاً قاطعاً أن تدع أحداً يتحكم في مصيرها أياً كان شأنه ووضعه، ولكن الذين يزعجهم تصديق هذه الحقيقة يريدون جر البلاد إلى حروب أهلية لا سمح الله، وعليكم التصدي لهم بما آتاكم الله من فطنة وقوة، كما يجب على معاليكم مراعاة آمال وطموح الأمة، بما يعمل على توطيد وثائق الثقة فيما بيننا، ومن ذلك: توفير غازنا لتشغيل بيوتنا ومصانعنا، بدلا من المازوت والأزمات الطاحنة، كما ألفت نظر جنابكم إلى ضرورة الحذر من الوقوع في فخ اضطهاد الأغلبية إرضاءً لأقلية متطرفة متغطرسة، مما يؤجج النار تحت البركان، وينذر بانفجار مدوي لا يُبْقِي ولا يذر، كما تعلمون أن هذه القلة لا يزيدها العطاء إلا شَرَهاً لمزيد من الاعتداء على حقوق الأغلبية، وتعلمون أنه مع كل ما قدمه لهم المخلوع لم يحفظوا له جميله لهم، وغير ذلك من القضايا التي تعلمون طموح الأمة بشأنها....

ثانياً: معاملة المخلوع وأذنابه المعاملة التي يستحقونها كمجرمين، يعلم القاصي والداني حجم الفساد المقنن، والظلم المنظم الذي أحدثه بنا المخلوع، مما وحد الأمة في الخروج عليه، وليس استطالة أعوامه الثلاثين التي جثم فيها على صدورنا...
فهذا المجرم المخلوع في رقبته دماء زكية وأرواح طاهرة، لا أقصد إخواننا وأخواتنا الذين فقدناهم في الثورة المباركة، إنما أقصد كل من سبقونا إلى الله طوال عهده البائد من المظلومين الذين خرجوا من ديارهم سالمين، ثم كان أمل أهليهم بعد ذلك أن يتسلموا جثثهم من مراكز الشرطة، والتي تشهد على وحشية التعامل معهم على أيدي أتباع المخلوع الخاوية قلوبهم من ذرة رحمة أو إنسانية، إن الأمة تريد معاملتكم لهذا المخلوع وأذنابه المعاملة التي يستحقها كمجرم أَسَرَ أمة كاملة ثلاثين عاماً قسراً وقهراً، واعتبر البلاد بما عليها من الأحرار والثروات إرثاً خالصاً له ولأولاده من بعده، لا جزاء لمن ينازعه هذا الحق المزعوم إلا أبشع صور العذاب إلى الموت..


انظروا: كيف كان يعامل هو شرفاء الأمة من العلماء، والعسكريين وغيرهم من النبلاء؟

انظروا: كيف تعاملون أنتم المجرم الذي اعتدى على فرد واحد بصورة مناسبة لحجم إجرامه؟
فكيف بمن خان أمة بأسرها، أجرم في حقها ثلاثين عاماً، طال ظلمُهُ خلالها مئات الملايين من البشر، لن نتحدث عمن قُتلوا بالأغذية المسرطنة، أو بالفشل الكلوي والوباء الكبدي بالماء الملوث غير الصالح للاستخدام الآدمي، ولا عن ضحايا الفقر والإهمال، والجوع والمرض، و.....


أيها السادة: يا أولياء أمورنا، كم طبيب يعمل في المستشفى الحكومي كما يعمل بعيادته الخاصة؟
كم مدرس يعمل بالمدرسة كما يعمل بالدروس الخصوصية؟
كم موظف لا يمد يده ولا يزوغ من عمله ولا يقبل هدية؟
من المسئول عن كل هذا الفساد الذي تسلل في عروقنا إلى النخاع؟
من الذي جعل الإسلام العدو الأول الذي يُهَاجم إعلامياً وأمنياً؟


أيها السادة أولياء أمورنا: الأمة تريد أن ترى ظالميهم وعلى رأسهم كبيرهم ومدبر أمرهم، وكبير أعوانه من مجرمي الداخلية مسلسلين في القيود، بغير تغطية لهم من أعوانهم وخدامهم، ينالون الجزاء الأوفى لمن يسعون في الأرض فساداً..

كما قال تعالى في عقوبة المفسدين في الأرض:
{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة:33].

أو على الأقل يتم إيداعهم في السجون التي بنوها لإذلال شرفاء الأمة ممن يرفضون أن يُوَرَّثُوا كالعقارات والبهائم، وذلك لحين تنصيب الأمة لمجالس نيابية تعبر عنها بصدق، وتنصيب حاكم نزيه كفء بحكومة شريفة تتسم بالنزاهة والكفاءة، ليس لها ملفات فساد يتهددهم بها المخلوع إن هم فضحوا أمره، يقومون بواجبهم نحو هؤلاء المجرمين بكل حيادية وإنصاف مع سائر واجباتهم نحو أمتهم التي ائتمنتهم على نفسها، بغير أن يخافوا أن يفتح لهم المخلوع ملفات الفساد الخاصة بهم.

وإلا فأي استفزاز لمشاعر الأمة المكلومة عندما يرون الستارة الحاجبة لهؤلاء المجرمين في الأقفاص عن الأنظار، مراعاة لمشاعر هؤلاء القتلة السفاحين...
أي استفزاز لمشاعر الأمة المكلومة عندما يرون رأس الإجرام يقيم في أفخم الإقامات التي لا يحلم بها شرفاء الأمة والمضحون لأجلها.
أي استفزاز لمشاعر الأمة المكلومة عندما يسمعون عن جريمة المصالحة بعد التنازل...
فمتى كانت مصادرة المسروقات وردها لصاحبها تنازلاً يُخَيَّرُ فيه السارقُ أو يعافيه من العقوبة؟
والله إن هذا أمر من شأنه أن يفجر بركاناً لا قبل لأحد بإخماده البتة.


أيها السادة يا أولياء أمورنا: اتقوا الله في مشاعر أمتكم المكلومة قبل أن تنفلت أزمة الأمور من أيديكم.
أيها السادة يا أولياء أمورنا: إنني أذكّر فخامتكم أن أكبر خطأ وقع فيه المستبدون هو: الحلول المتأخرة، وذلك أنهم كانوا لا يقْدّرون الأمة حق قدرها، وكانوا يستوعبون الدرس متأخراً، ولو خرج المخلوع في أول يوم بما خرج به في آخر يوم من الثورة، ما قامت للثورة قائمة أصلاً، ولكنها الحلول المتأخرة عن موعدها، فكم حلّ كانوا يقدمونه بعد فوات الأوان؟
ولو كانوا بَدَّروا به قليلاً لجنبوا أنفسهم الكثير من الويلات، ولكن ليقضيَ اللهُ أمراً كان مفعولا.

ألا فلتكن حاسةُ الإدراك عندكم كما تليقُ بما عهدناه عليكم من الحس المرهف، والاستشعار المبكر.


ألا فلتتقوا الله عز وجل وتحددوا موقفكم الثابت المشرف المنحاز للحق وأهله، والذي لا يعرف التذبذب أو المجاملة لأهل الباطل، وإني أذكر معاليكم بقول النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» (رواه أحمد، ومسلم)
لقد قدم إليكم النَّبِيّ صل الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث الشريف فرصة لا تعوض، وذلك أنكم عندما تمكنون لدين الله على أرضه، فوالله ما يصيب عبدٌ من عبادِ الله حسنةً إلى يوم القيامة إلا وكانت في ميزان حسناتكم يوم القيامة بغير أن ينقص ذلك من حسناته شيئاً، كما رأيتم في الحديث السابق.

أيها السادة يا أولياء أمورنا: إنني أذكر معاليكم بزمن كانت فيه مصر مخزن غلال روما.
أيها السادة يا أولياء أمورنا: إنني أذكر نفسي وإياكم بوقت شبعت فيه مصر عندما جاع العالم أجمع، بل وكانت مصرنا قبلة المحتاجين الطامعين في صدقاتها، ممن يصطفون صفوفًا على بابها أملا في نوالها، كما سجل هذا المشهد أصدق كتاب تاريخ إذ قال تعالى:
{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّـهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ } [يوسف:88].
وما كان ذلك كذلك إلا لأن القائم على الخزائن هو الحفيظ العليم، كما وصف القرآن الكريم الحفيظ الذي يقيم شرع الله على نفسه أولاً ثم على رعيته ثانياً.

أيها السادة يا أولياء أمورنا: أرجو أن تكونوا مدركين لحقيقة طموح المخلصين من أبناء أمتكم المكلومة، إننا لسنا آملين في لعب مباريات كأس العالم على أرضنا، ولسنا طامعين أن تكون ملكة جمال العالم من بناتنا، إننا نريد إسقاط مصر من رأس قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان، والراعية للفساد.


إن طموحنا يتلخص في توحيد أرض الإسلام تحت قيادة موحدة تحكمها بشرع الله المطهر، لتعيد إليها مجدها السليب، وعزها المغتصب، وأراضيها المحتلة، إذ مللنا من إذلال اليهود لنا، ولعل الاتحاد (المصري السوداني الليبي) اتحاداً جزئياً يكون خطوة موفقة لهذا الهدف النبيل، وفقكم الله لتحقيقه.

أيها السادة يا أولياء أمورنا: والذي لا يعرف ما في النفوس غيره لقد بذلت لكم نصحي خالصاً لوجه الله الكريم، وإني أقسم لكم بالله أنكم متى سرتم على ما يريده الله من الأخذ بنصح الناصحين المأمونين، فإن ذلك مما يحشد حولكم سواد الأمة، كما يجمع حولكم جميع علماء الأمة ودعاتها، ويمنحكم تأييد المنابر من مشارق البلاد لمغاربها، وخير من هذا وذاك نصرة رب الأرض والسماوات، وصدق الله إذ يقول: { إِن يَنصُرْكُمُ اللَّـهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران:١٦٠].

وأختم بتضرعي وابتهالي إلى الله لكم أن يكتب الله لكم كمال التوفيق والسداد، وأن يوفقكم لما فيه صالح البلاد والعباد، آمين يا أرحم الراحمين، عملاً بقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إذ يقول: "ولهذا كان السلف -كالفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل وغيرهما- يقولون: لوكان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان".

اللهم احفظ ديارنا وسائر ديار الإسلام من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.

كتبها الناصح الأمين: محمد فريد فرج فراج


 

<