استعمال الدهانات التي يدخل في تركيبها النجس

محمد الحسن الددو الشنقيطي

السؤال: ما حكم استعمال كريم: "شارلي"، وهل صحيح أنها مصنوعة من المشيمة؟
الإجابة: نعم، هذه المادة دخل في تصنيعها ما يؤخذ من المشيمة التي يكون فيها الحمل في بطن المرأة، والمشيمة جزء من المرأة وهي منفصلة عنها، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما انفصل عن الحي فهو ميت" وفي رواية: "فهو ميتة"، فكل ما انفصل أو بانَ عن الحي فهو ميتة فيكون نجساً، كما إذا قطع جزء من الحي فهو مثل دمه ومثل لحمه ومثل جلده، فكلما انفصل عن الحي مما هو متصل به في الحياة فهو ميتة في حال الانفصال.

وقد اختلف في قلامة الأظافر إذا قصها الإنسان هل هي من النجس أم من الطاهر، وهذا الخلاف على أساس: هل هي تتغذى من الدم أم لا؟ فإذا ثبت علمياً أن الخارج من الظفر الذي هو وراء اللحم يتغذى من دم الإنسان فإذا قُطع كان ميتة وكان نجساً، ولا يحل الصلاة به ولا الصلاة على المكان الذي هو فيه، وإذا ثبت أنه قد انفصل عن الجسم بحيث لا يتغذى من الدم كان كالشعر، والشعر إذا جز فهو طاهر، فليست تغذيته واصلة إلى نهاياته، وقد أشار إلى هذا الخلاف العلامة محمد مولود رحمه الله بقوله: "والخلف في نحو قلامة الظفر".

لكن ما صُنع من المشيمة فعولج بالكيمياء حتى تغير فهذا التغير والانقلاب محلُّ خلاف بين أهل العلم: هل هو مطهر أم لا؟

وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الانقلاب مُطهِّر، ولذلك يرون أن الزرع بالأسمدة التي هي نجس أنه طاهر، وأن الخمر إذا تحجرت أو خللت أو حجرت أو تخللت فهي طاهرة بذلك لأنها قد زال عنها الإسكار وعلة تحريمها ونجاستها الإسكار، وإذا فقدت هذه العلة طهرت وجاز بيعها واستعمالها.

فكذلك المشيمة التي استعملت في هذا الدهان عولجت بالكيمياء حتى تغيرت، فهذا التغير عند كثير من أهل العلم مُطهِّرٌ لها، لأنها أصبحت مادة أخرى، إذا رآها الإنسان لا يخطر على باله أصل تصنيعها.

وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل السنة على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن العبرة بالأصل مطلقاً ولا عبرة بالتغير، فتبقى نجساً.
القول الثاني: أن العبرة بما آل إليه المصنع العبرة بالمآل لا بالأصل، وعلى هذا فهي مادة مستقلة جديدة، فهي طاهرة.
القول الثالث: إنه يُفصَّل في هذه المسألة: فما استحال إلى صلاح كان طاهراً، وما استحال إلى فساد كان نجساً.

ويمثِّل الفقهاء قديماً لذلك بألبان الجلالة ولحومها وعرقها وبولها، فالجلالة هي البهيمة التي تأكل النجس، فإذا كانت البهيمة تتغذى بالأنجاس فالأنجاس قد تغيرت بأكلها لها، وانقلبت إلى مادة أخرى حين كانت في اللبن، وقد خرج اللبن من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين، ومع ذلك أصله كان من نجس، ومثل ذلك لحمها فإنما نبت في الأصل من النجس الذي أكلته، وجمهور أهل العلم على أن كل ذلك يطهر لأن الواقع أن اللحم أيضاً إنما ينبت من الدم وأن اللبن أصله دم، البن من غير تغذية بالنجس أصله دم، فكل الألبان أصلها جاءت من بين فرث ودم، وهذا يقتضي أن طهارتها حاصلة بهذا التصنيع الإلهي الذي فطرها الله عليه.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنها نجس على الأصل.

وذهب آخرون إلى التفصيل فقالوا: ألبانها ولحومها طاهرة لأنها استحالت إلى صلاح، وأبوالها وأرواثها نجس لأنها استحالت إلى فساد.

ويبقى الخلاف في العرق، هل يعد مما استحال إلى صلاح أو مما استحال إلى فساد، لأنه ليس كالنجس ولا هو كاللبن واللحم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.