حكم السكن في المقابر

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال: ما حكم الشرع في السكن في المقابر، لأن هناك مَن يقول بتحريمها، علماً بأننا فقراء لا نملك الحصول على شقة؟
الإجابة: إن الأصل أن تكون المقابر بعيدة عن محل السكن، وهذا هو الغالب في جميع الأمصار، وهو المعمول به من زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الآن؛ ولذلك كره كثير من أهل العلم السكن في القبور، وذهب آخرون إلى التحريم؛ واستدلوا بما (رواه مسلم) وغيره عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر"، وبما (روى أحمد) بإسناد صحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً متكئاً على قبر فقال: "لا تؤذوا صاحب القبر"، والساكن في المقبرة يُظَن به إيذاء أصحاب القبور، بالجلوس عليها، أو غير ذلك مما يُعَدُّ من الإيذاء.

و(روى مسلم) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاتجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة"، وفي هذا دليل على أن المقابر ليست محلاًّ للسكن، ولا للصلاة وقراءة القرآن، ونحوه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تصلُّوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها" (رواه مسلم)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت عائشة -رضي الله عنها-: يحذِّر ما صنعوا" (متفق عليه)، والمُقيم في القبر يحتاج إلى الصلاة، لا سيما النساء.

ثم إن المقابر في الغالب تكون وقفًا موقوفًا لهذا الغرض، ولم تجعل للسُكنى، فالساكن فيها كالغاصب المقيم في مِلك مَنْ لم يأذن له بالإقامة فيه، فإن خلت الإقامة في المقابر من هذه المحاذير -ولا نظنها تخلو- وكانت هناك ضرورة كما وصفتم، فنرجو أنه لابأس بالإقامة المؤقتة، إلى أن ييسّر الله لكم الانتقال عنها، ونسأل الله أن يوسّع لكم في أرزاقكم، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع الآلوكة.