إسقاط الحق في الحضانة غير لازم

دار الإفتاء المصرية

السؤال: رفعت امرأة دعوى شرعية تطلب بها تقدير نفقة من مطلقها لولديه منها، ثم اصطلحا أمام المحكمة على تنازل المدعية عن نفقة أحد الولدين مقابل تسليمه لوالده، وفرض المدعى عليه على نفسه نفقة للآخر الذي بقى عند المدعية، والمحكمة قررت اعتبار هذا الصلح. بعد ذلك حصل الوالد على صورة تنفيذية من محضر الصلح وطلب بها تسلميه الولد لأنه موجود مع والدته، والمحافظة رأت أن الحكم لم تؤمر فيه المدعية بتسليم الولد، والمحافظة استعلمت من الوزارة عن جواز إجابة طلب التنفيذ من عدمه.
الإجابة: الرقم المسلسل: 689. التاريخ: 17/04/1920 م.
المفتي: فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي.

المراجع:

إسقاط الزوجة حقها في حضانة الابن لا يمنع من رجوعها في الحضانة وأخذ الولد، لأن حق الحضانة يثبت شيئاً فشيئاً مراعاة لأقوى الحقين في الحضانة وهو حق الولد.

الجواب:

بعد الاطلاع على الأوراق تبين من صورة الحكم الشرعي المرفقة أن المدعية رفعت دعوى تطلب نفقة لولديها وأجرة حضانة من المدعى عليه وبعد المرافعة اصطلح الخصمان على أن سلمت المدعية للمدعى عليه ابنه واكتفت بأن يكون معها ابنها الآخر بناء على طلب الخصمين والمحكمة قررت اعتبار هذا الصلح.

ونفيد أنه في تنقيح الحامدية بصحيفة 58 جزء أول طبعة أميرية سنة 1300 أن الحاضنة لو أسقطت حقها في الحضانة وتريد الآن أخذ الصغار لتربيتهم وهي أهل لذلك كان لها ذلك، لأنها لا تقدر على إبطال حق الصغير في الحضانة.

وقال في (شرح الدر)، و(متن التنوير): وإذا أسقطت الأم حقها صارت كميته أو متزوجة فتنقل للجدة، ولا تقدر الحاضنة على إبطال حق الصغير فيها حتى لو اختلفت على أن تترك ولدها عند الزوج صح الخلع وبطل الشرط.

وقال في (رد المحتار) بصحيفة 983 جزء ثان طبعة أميرية سنة 1286 عند قوله: وإذا أسقطت الأم حقها صارت كميتة أو متزوجة فتنقل للجدة، الخ ما نصه: (أي تنتقل الحضانة لمن يلي الأم في الاستحقاق كالجدة إن كانت وإلا فلمن يليها فيما يظهر، واستظهر الرحمتي أن هذا الإسقاط لا يدوم فلها الرجوع لأن حقها يثبت شيئاً فشيئاً، فسقط الكائن لا المستقبل، أي فهو كإسقاط القسم لضرتها فلا يرد أن الساقط لا يعود لأن العائد غير الساقط بخلاف إسقاط حق الشفعة).

ثم رأيت بخط بعض العلماء عن المفتى أبو السعود في رجل طلق زوجته ولها ولد صغير منه وأسقطت حقها في الحضانة وحكم بذلك حاكم فهل لها الرجوع بأخذ الولد؟

الجواب: نعم، لها ذلك، فإن أقوى الحقين في الحضانة للصغير، ولئن أسقطت الزوجة حقها فلا تقدم على إسقاطه أبدا.

ثم نقل في (رد المحتار) بالصحيفة المذكورة الخلاف في أن الحضانة حق الحاضنة أو حق الولد، فقيل بالأول فلا تجبر إذا امتنعت ورجحه غير واحد وعليه الفتوى، وقيل بالثاني فتجبر، واختاره الفقهاء الثلاثة أبو الليث والهندوانى وجواهر زاده، وأيده في الفتح بما في كافي الحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد من مسألة الخلع المذكورة. قال فأفاد -أي كلام الحاكم- أن قول الفقهاء جواب ظاهر الرواية.

قال في (البحر): فالترجيح قد اختلف، والأولى الإفتاء بقول الفقهاء الثلاثة. ثم استدرك بما في (الظهيرية) لأن محل جبر الأم بأن لا يكون للصغير ذو رحم محرم، أما لو كانت له جدة رضيت بإمساكه دفع إليها وبعد نقل ما ذكر قال قلت. ويؤخذ من هذا توفيق بين القولين. وذلك أن ما في المحيط يدل على أن لكل من الحاضنة والمحضون حقا في الحضانة، فقول من قال إنها حق الحاضنة فلا تجبر محمول على ما إذا لم تتعين لها، واقتصر على أنها حقها لأن المحضون حينئذ لا يضيع حقه. ومن قال أنها حق المحضون فتجبر محمول على ما إذا تعينت واقتصر على أنها حقه بعدم من يحضنه غيرها. ملخصا.

ومن ذلك يعلم أن إسقاط الزوجة المذكورة حقها في حضانة الابن المذكور وتسليمها له في ذلك الوقت -أي وقت الصلح- لا يمنع من رجوعها في الحضانة وأخذ الولد، لأنها بمطالبتها باستلام الولد لم تكن ممتنعة عن حضانتها، والخلاف المذكور إنما هو فيما إذا امتنعت ولم تطلب، وأما إذا طلبت فلا كلام في أن لها ذلك لأن الحضانة تثبت شيئاً فشيئاً، فيصح الإسقاط في الكائن لا في المستقبل لأنها لا تقدر على إسقاطها على الدوام، مراعاة لأقوى الحقين في الحضانة وهو حق الولد، وبذلك يعلم أن الحكم الصادر من المحكمة فيما اسقطه من حق الحضانة إنما هو في الحق الكائن عند صدور الحكم، وأما حق الحضانة المتجدد بعد ذلك فلا يسقط إلا بإسقاط جديد، ولها حق المطالبة به، ولا يسرى الحكم المذكور على ذلك الحق المتجدد فلا وجه لتنفيذه عليها في الحق المتجدد والذي لم يدخل تحت الحكم، وهذا إذا كان الولد لا يزال في سن الحضانة.