حكم السباق على مال

الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نفع الله بعلمك، وبعد:

نحن مجموعة شباب نملك خيولاً, والخيول مكلِّفة بما تحتاجه من أكل وأدوية وغيرة، ونُجري في كل أسبوع مُنافسة بين الخيول؛ بحيث تخصص جائزة مالية بين المتسابقين، ويحصل عليها الأول فقط، ويكون عدد المتسابقين 7 ويتكفل بالجائزة خمسة من هؤلاء السبعة؛ بحيث يدفع كل واحد منهم 1000 ريال.

فكيف نوفق بين هذه العملية والحديث الشريف الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم "لا سبق إلا في خف, أو في حافر أو نصل
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد اتفق الفقهاء على مشروعية المسابقة بجائزة في الخيل، والإبل، والسهم، لحديث: "لا سبق إلا في خف، أو حافر، أو نصل"؛ (رواه الخمسة)، ولم يذكر فيه ابن ماجه "أو نصل"، وقالوا: إنها تكون في هذه الثلاثة مندوبة، إذا قصد بها الإعداد للجهاد، بل تكون واجبة على الكفاية إذا لم يعد للجهاد إلا بها.

وقوله (لا سَبَق) السبق: الجُعل، أو الجائزة؛ فتجوز بشروط، منها: كونه معلوماً جنساً، وقدراً، وصفةً، ومما يصح بيعه. والجائزة قد يخرجها الإمام أو غيره، أو أحد المتسابقين، أو كل منهم. فإن أخرجها الإمام أو غيره، أو أحد المتسابقين ليأخذها السابق منهم، فقد اتفق الفقهاء على أن عقد السبق صحيح، والجُعل حلال، وإن أخرجها المتسابقون ليأخذها السابق منهم، لم تصح المسابقة، ولم يحل الجُعل؛ لأن ذلك قمار وميسر، وهو من الكبائر.

قال الإمام الشوكاني: "فيه دليل على جواز السباق على جعل، فإن كان الجعل من غير المتسابقَينِ كالإمام يجعله للسابق، فهو جائز بلا خلاف، وإن كان من أحد المتسابقَينِ جاز ذلك عند الجمهور؛ كما حكاه الحافظ في (الفتح)، وكذا إذا كان معهما ثالث محلل، بشرط ألا يخرج من عنده شيئاً؛ ليخرج العقد عن صورة القمار، وهو أن يخرج كل منهما سبقاً، فمن غلب أخذ السبقين، فإن هذا مما وقع الاتفاق على منعه؛ كما حكاه الحافظ في الفتح، ومنهم من شرط في المحلل ألا يكون يتحقق السبق".

وعليه: فالصورة المذكورة في السؤال جائزة على مذهب الجمهور؛ لدخول محللين بين الخمسة المتكفلين بالجائزة؛ فتخرج بهما عن صورة القمار.

هذا؛ وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على تحريم الرهان في غير الثلاثة، وإنما اختصت هذه الثلاثة بتجويز العوض فيها أخذاً وعطاء؛ لأنها من آلات الحرب المأمور بتعلمها، وفي الإذن بالعوض فيها مبالغة في الاجتهاد فيها، وتشجيع لما يعود على المسلمين نفعه، شريطة أن تحرج بصورة مغايرة لصورة القمار على النحو المذكور آنفًا، وبهذا يتبين الفرق بين الصورة المذكورة في السؤال والحديث الشريف،، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ موقع الألوكة