عادات سودانية في الزواج

الشيخ عبد الحي يوسف

السؤال: درجنا نحن في السودان على تسيير الأمور على حسب العرف المتبع والعادات والتقاليد السائدة، حتى وإن كانت لا تتوافق مع تعاليم ديننا الحنيف، ففي مسالة الزواج مثلاً هناك بعض العادات المتبعة مثل: قولة الخير، فتحة خشم، شيلة، سداد المال.
فهل تدخل هذه الأشياء في المهر أو الصداق؟ ما حكم المهر؟ هل وقته بعد أم قبل الخطوبة؟ قبل أم بعد أم أثناء العقد؟ طريقة سداده: هل يشترط أن يكون يداً بيد من العريس لعروسه؟ أم يجزئ تسليمه لولي أمرها؟ طريقة إنفاقه: هل يجوز لها أن تنفقه على بيت زوجها؟ أو تساعد به أهلها في إتمام مراسم الزواج؟
الإجابة: المقرر عند أهل العلم أن الأصل في العادات الإباحة، وأن العادة محكمة، وأن العرف إذا لم يعارض الشرع فهو معتبر، وعليه فإن هذه المسائل المذكورة في أول السؤال - قولة خير وفتحة الخشم والشيلة - لا اعتراض عليها شرعاً إلا إذا تجاوز بها حدها؛ فصارت عبئاً على كاهل طالب الزواج وعائقاً له عن إتمام عرسه؛ لما صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم من الترغيب في تقليل مئونة النكاح والتيسير فيه؛ كقوله عليه الصلاة والسلام: "أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة" [رواه أحمد والنسائي]، وفي البخاري من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلاً؛ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ"، قَالَ: مَا عِنْدِي إِلاَّ إِزَارِي هَذَا!! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لاَ إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا"، قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَجِدُ شَيْئًا، قَالَ: "الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ"، فَالْتَمَسْ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيءٌ؟" قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ"، وصحَّ أنه زوَّج امرأة على نعلين، وهكذا كان أصحابه رضي الله عنهم.
وكون هذه الأشياء تدخل في المهر أو لا تدخل محكوم بالعرف؛ وقد جرى عرف الناس أن مقدمات الخطبة والتعارف وما يكون من الهدايا في تلك الفترة لا يُعدُّ من المهر؛ والمهر يجوز تعجيله كله أو تأخيره كله، أو تعجيل بعضه وتأخير بعضه؛ ويكون المؤخر دَيْناً في ذمة الزوج يجب بحلول أقرب الأجلين إما الموت أو الطلاق، والله تعالى أعلم.