الصلاة في مسجد نُبشَ قَبرُه

الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

مسجد به قبر ثم نُبِشَ القبر؛ فهل تجوز الصلاة فيه؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق أن بَيَّنَّا حُرمَةَ الصَّلاةِ في المساجد التي بها قُبور، وأنها ذريعة إلى الشرك في فتوى سابقة بعنوان: "حكم الصلاة في المساجد التي فيها مقامات". 

أما إذا نُبِشَت تِلْكَ القبورُ من المسجد، فالصَّلاةُ فيها جائزة؛ لأَنَّ مَسْجِدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كانتْ فيه قبورُ المشركين فنُبِشَت؛ ففي "الصحيحين" عن أنس بن مالك قال: "... وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المسجد ، فَأَرْسَلَ إلى ملأٍ من بني النَّجَّار فقال: يا بَنِي النجار ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هذا، قالوا: لا والله، لا نطلب ثَمَنَهُ إلا إلى الله. فقال أنس: فكان فيه ما أقول لكم، قبور المشركين، وَفِيهِ خَرِبٌ، وفيه نخلٌ، فَأَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ المشركين فنُبِشَت، ثم بالخَرِب فسُوِّيَت، وبالنخل فقُطِع". قال النَّوَوِيُّ رحمه الله: تعليقًا على الحديث: "فيه جواز نبش القبور الدارِسة، وأنه إذا أُزِيلَ تُرَابُهَا المُخْتَلِطُ بصديدهم ودمائِهم جازَتِ الصَّلاةُ في تلك الأرض، وجوازُ اتخاذ موضعها مسجِدًا إذا طيبت أرضه".

وقال شيخ الإسلام ابْنُ تيمية: "اتَّفَقَ الأَئِمَّةُ أنه لا يُبْنَى مسجدٌ على قبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ مَنْ كان قَبْلَكُمْ كانوا يَتَّخِذُونَ القُبُورَ مَساجدَ، ألا فَلا تَتَّخِذوا القُبُورَ مساجدَ فإني أنْهَاكُم عن ذلك"، وأنه لا يَجُوزُ دفن ميتٍ في مسجدٍ، فإن كان المسجد قَبْلَ الدَّفْنِ غُيِّرَ، إمَّا بتسوية القبر، وإما بْنَبْشِهِ -إن كان جديدًا- وإن كان المسجد بُنِيَ بعد القبر، فإما أن يُزَال المسجدُ، وإما تُزَال صُورةُ القبر، فالمسجد الذي على القبر لا يُصَلَّى فيه فرضٌ ولا نَفْل، فإنه مَنْهِيٌّ عنه".

وقال ابن القيم: "نَصَّ الإمامُ أحمدُ وغيرُهُ على أَنَّهُ إذا دُفِنَ المَيِّتُ في المسجد نُبِشَ.

وعليه؛ فالصلاةُ في المسجد المذكور جائزةٌ إن شاء الله تعالى،، والله أعلم.